المشكلة: أنا رجل عمري 55 عامًا تزوجت كثيرًا وفي كل مرة لا أوفق في زواجي، وذلك بسبب أنني تزوجت في مقتبل حياتي من فتاة من المغرب، وعندما طلقتها طلبت مني تذكار فقلت لها خذي ما تريدين، فأخذت قماش عمامتي وخصلة من الشعر، وعادت بلدها، وبعدها تزوجت من امرأة كانت مسيحية وأسلمت ولكنني اكتشفت أنها خدعتني ولم تسلم وكانت تذهب إلى الكنيسة بدون علمي فطلقتها أيضًا، بعد ذلك كنت أسمع أصواتًا تخبرني أن زوجتي القادمة ستخونني ولكنني لم أصدق ذلك، وتزوجت وعندما عدت بعد سفر إلى البيت وجدت كلامًا مكتوبًا على مرآة الحمام من رجل لها فاتهمتها بالخيانة وطلقتها، وذهبت إلى شيخ وأخبرني أنني "ملبوس باثنين من الجن"، وأن من فعل ذلك بي الزوجة المغربية والمسيحية،وقرأ علي القرءان لإخراجه ولم يفلح، ارتعش جسدي وقتها، لكنه لم يخرج، ومن بعدها أصبحت عصبي جدًا ومتقلب المزاج، وأشك في كل امرأة أتزوجها، وأظل أراقبها، ومعظمهن خانوني، وكلهن طلقتهن، تزوجت وطلقت 11 مرة، ودفعت كل أموالي في زيجاتي وعلى المشايخ، ولم يفلح أحد في اخراج الجان، وأنا متعب جسديًا فلا أنام الليل من وجع غريب في رجلي، شد عضلي وآلام تشبه الفوران وأظل أحرك رجلي طيلة الليل حتى يغلبني النوم، وقد أخبرني الشيخ أنه بسبب الجان وأنه يحاول الخروج من قدمي، كما أنني أستيقظ في الصباح بصعوبة شديدة، وأنام كثيرًا بقية اليوم، وآكل كثيرًا بنهم حتى زاد وزني وثقل جسدي، ولا أحب الخروج ولا مقابلة الناس، وتم فصلي من الشركة بسبب كثرة الغياب وتجاوز الحد، أصبحت لا أحب الحياة ولا أريد مقابلة الناس، ماذا أفعل مع الجن؟
الحل: مرحبًا بك عزيزي : آلمتني رسالتك يا عزيزي كثيرًا نظرًا لشيوع ما تحكي عنه، وغياب الحل السليم مع أنه متوافر، وأقدر مشاعرك وحيرتك، وأرجو أن تجد عبر هذه السطور ما يريحك. كم هو مؤلم يا عزيزي أن نعاني من أعراض تدل على داء، وقد جعل الله لكل داء دواء وأمرنا نبينا بالتداوي، ثم نحن نلصق ذلك بالجن! نحن مأمورون بأن نؤمن بوجود الجن، وحقيقة السحر والعين، لكننا لسنا مأمورين بأن هناك أعراض لتلبسهم وأن الشيوخ هم من يشفون ذلك ويعرفونه! ليس في ديننا هذا يا عزيزي، وإن كثيرًا من الأمراض النفسية والعصبية تصيب الناس وتظعر أعراضها عليهم فيظنون أنها "جن"! في شأن الزواج يا عزيزي، فليس للجن قدرة على فعل ما حدث لك، فالزواج أرواح، ما تآلف منها اتفق وما تنافر اختلف، وفي الزواج تقع على الشخص مسئولية الإختيار للمناسب له بوعي ونضج وعقل، وهو مسئول عن سوء الاختيار غير المناسب، وسوء ادارة حياته الزوجية، وعدم اهتمامه بتحقيق التآلف والانسجام والتوافق مع من أحب واختاره شريكًا لرحلة حياته، الأمر معقد وليس بهذه السهولة والاستسهال الذي نعتقده فنرمي فشلنا في الزواج، والحياة، على تلبس الجن بنا! أنت في عالم الشهادة يا عزيزي، فتحمل مسئولية أفعالك ونتائجها ولا تلق الأمر على شماعة الجن، فهي ليست حقيقية، إن القلوب بيد الله لا الجن، التوفيق وعدمه قدر من الله وليس من الجن، أقرأ أنت القرءان فأنت لست بحاجة لوسيط بينك وبين الله، وإن اسم الله لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا السماء، إنه السميع العليم، إن هذه الارتعاشات وغيرها من ايحاءات الدجالين والسحرة لكي تذهب إليهم وتعتقد في قدراتهم وتضع أموالك عندهم، وإن سموا أنفسهم شيوخًا ويقرأون القرءان. ما يحدث لقدمك عند النوم مرض عضوي ربما يكون له علاقة بمتاعب نفسية وليس جنًا يريد الخروج من قدمك. ما تراه وتسمعه يا عزيزي ربما هلاوس سمعية وبصرية وليس الجن أبدًا، وكثيرًا من الأعراض التي ذكرت ما يخص اضطرابات نومك وطعامك وعدم رغبتك في مقابلة الناس وتغيبك عن عملك، هذه أعراض مرضية، ودلائل قاطعة على حاجتك للتواصل مع طبيب نفسي وليس شيخ، أو ساحر، أو مشعوذ. إن القادر هو الله، والحكيم هو الله، وهو المتصرف الوحيد وليس الجن ولا غيره، وأذكرك حديثه عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم في وصيته - صلى الله عليه وسلم - لعبد الله بن عباس: "يا غُلامُ إني أُعَلِّمُكَ كَلِماتٍ: احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجاهَكَ ، إذَا سَألْتَ فاسألِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فاسْتَعِنْ باللَّهِ, وَاعْلَمْ أنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ على أنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَإِنِ اجْتَمَعُوا على أنْ يَضُرُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُوكَ إِلا بِشَيءٍ قد كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأقْلامُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ" رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح وفي رواية غير الترمذي زيادة "احْفَظِ اللَّهَ تَجدْهُ أمامَكَ ، تَعَرَّفْ إلى اللّه في الرَّخاءِ يَعْرِفْكَ في الشِّدَّةِ ، وَاعْلَمْ أنَّ ما أخْطأكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ، وَمَا أصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَاعْلَمْ أنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وأنَّ الفَرَجَ مَعَ الكَرْبِ، وأنَّ مَعَ العُسْرِ يُسراً"، ولا يملك جن إيذاؤك ولا الخروج ولا الدخول إلى جسدك، ولا نفعك ولا الإضرار بك. ولكنني أعرف بالطبع ما تعيش فيه مجتمعاتنا من جهل مطبق، ومن وصمة بشعة تلصق بمن يذهب للطبيب النفسي، وعدم الثقة أو الإيمان أصلًا والاعتراف بأهمية الطبيب النفسي وضرورة علاج شيء يسمي "نفس تمرض"! إن ما عليك الآن تجاه نفسك يا عزيزي وهي أمانة، أن تتخلص من وهم تلبسك بجن، وأن تتقرب إلى الله وتستعين به وحده، وأن تبحث عن طبيب ذا خبرة وأمانة وتطلب الاستشفاء لنفسك المسكينة فإنها بانتظارك.
Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©
Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©
أرسل تعليقك