لا يمكن اعطاء نسبة صحيحة لنسبة العنوسة في المجتمع السوري خاصة في ظل الحرب الدائرة في البلاد منذ خمس سنوات و غياب الإحصائيات الرسمية, حيث أصبح الأمر يختلف حسب الدين و الطائفة والقومية و مستوى التعليم ومكان إقامة الفتاة خاضعة لسيطرة القوات الحكومية أو المعارضة أو التنظيمات الإسلامية المتشددة "داعش" .
وتشهد مناطق سيطرة القوات الحكومية ارتفاع ملحوظ لنسبة العنوسة بين الفتيات في سن الزواج حيث تبين النسبة أنها من "18 -40 " لتصل لأكثر من %60, ويعود ذلك لإنضمام معظم الشباب إلى قوات الجيش العربي السوري, فضلًا عزوف البعض الآخر عن الزواج بسبب تكاليفه المرتفعة جدًا و أزمة السكن الخانقة, و تفضيلهم السفر لخارج البلاد هربًا من التجنيد الإجباري أو الاعتقال, بالإضافة إلى البحث عن فرص عمل أفضل في ظل ندرتها في البلاد, فيما أشار مركز الإحصاء الوطني, إلى عن ازدياد أعداد المواليد من الإناث بالنسبة للذكور منذ عام 1990 بنسبة " 2 إلى 1 ".
وكشفت الباحثة في علم السكان و الدراسات السكانية "الديموغرافية", "ندى دياب" أن العنوسة ترتفع في مناطق سيطرة الحكومة السورية و خاصة بين فتيات الطائفة "العلوية" بسبب إشتراك معظم شبابها في العمليات القتالية وانعدام حالات الزواج مع شبان من طوائف اخرى بسبب الشحن الطائفي والمذهبي الذي سببته الحرب, فيما يلاحظ ازياد في نسبة العنوسة بين فتيات " الطوائف المسيحية " لسفر معظم شبابها إلى الخارج.
وأشارت إلى أن (العنوسة الإختيارية ) تنتشر بسبب ارتفاع مستوى تعليم الفتيات و عدم قبولهن بزوج مستواه الثقافي أقل و بحثهن عن شريك بنفس المستوى الثقافي أو عن شريك " غني " لتأمن حياتهن, فيما تختار أخريات عدم الزواج لعدم رغبتهن بإنجاب طفل لفقدهن الأمل بوجود مستقبل للأطفال في البلاد في ظل حالات الموت العشوائي في الإنفجارات والقذائف و خطف الأطفال و تدني مستوى التعليم الأساسي, عدا عن كون بعض الفتيات هن المعيلات الوحيدات لعوائلهن بعد سفر الشباب مما يدفع الأهل لرفض أي شخص يتقدم للزواج .
وترتفع نسب العنوسة في مناطق سيطرة الفصائل المسلحة المتشددة بسبب رفض الفتيات الزواج من المقاتلين من جنسيات غير سورية "المهاجرين" بعد هجرة معظم الشباب السوريين إلى خارج البلاد أو اشتراكهم في العمليات القتالية ضد القوات للحكومية, فيما يلعب الجانب الاقتصادي دورًا مهمًا حيث تعتبر الفتيات في مناطق سيطرة الفصائل المعيل الوحيد لعائلاتهم, وتنخفض نسبة العنوسة في مناطق سيطرة تنظيم "داعش" بسبب سياسة الزواج الإجباري التي يمارسها التنظيم, حيث تتزوج الفتاة من مقاتل من "المهاجرين" تحت التهديد بقتلها هي أو احد أفراد أسرتها.
وتبقى الفتاة هي من أبرز ضحايا الحرب التي لا تعرف الرحمة والتي أصبح مستقبلها مرهونا باتفاق الأطراف المتنازعة و إلا سيبقى حلم الزواج وانجاب الاطفال والذي يعتبر من أبرز حقوق كل فتاة مستحيلا الى ما لا نهاية .