قصة حب غريبة بدأت بالعشق والهيام وانتهت بجريمة قتل، بطلة القصة لم تكن فتاة عادية، فهي طالبة طب، تعرضت للخداع باسم الحب، لكن انتقام طالبة الطب بنت الذوات كان بشعًا جدًا.
لم تبحث عن الحب ولكن الحب هو من بحث عنها، هي فتاة كاملة الأوصاف، تتمتع بالنسب الطيب والأخلاق الرفيعة جمعت بين الأناقة والأدب اللافت للانتباه، سلوكها السوي كان مسار إعجاب من الجميع، تتمتع بعينان واسعتان يتميزان باللون الأسود الرقيق، لذلك كانت محط إعجاب الكثير من الشباب، منذ نعومة أظافرها وهي ترى حولها كل شئ يسير بنظام تام.
لم تكن مثل باقي البنات ممن في مثل عمرها لا يشغلها الجنس الأخر كثيرًا، لم يكن لديها من الأصدقاء سوى القليل الذين تنحصر علاقتها بهم في إطار الزمالة فقط، أنهت دراستها الثانوية بتفوق كبير مثلما خططت الأمر الذي ساعدها للالتحاق بكلية الطب، كانت ترسم لنفسها طريقًا محددًا ومستقبلًا باهرًا تستكمل به مسيرة أسرتها الناجحة، صارت السنوات الأولى للدراسة على أفضل ما يكون، حتى وصلت الفتاة للسنة الدراسية الرابعة من كلية الطب، وفي منتصف العام أعلنت الكلية عن رحلة لإحدى المدن الساحلية، قررت الفتاة الذهاب مع زملائها وزميلاتها بالكلية، وهناك حدث أمر غريب لم يكن مُرتبًا على الإطلاق.
رحلة حب
كان برنامج الرحلة يتضمن زيارة بحرية بـ"اليخت" لبعض المعالم السياحية، وقفت الفتاة الرقيقة لالتقاط بعض الصور التذكارية في هذا المكان الجميل، ولسبب أو لأخر انزلقت قدميها فوقعت في المياه وهي لا تجيد السباحة، وفي ثواني معدودات، قفز ورائها أحد زملائها في الماء محاولًا إنقاذها، ثم تبعهم أحد السباحين المتخصصين في الإنقاذ، دقائق عصيبة مرت على الجميع، احتبست فيها الأنفاس، وتكلمت العيون بلغة الدموع، ارتفعت الأصوات، والصراخ ملئ أركان المكان، توقف اليخت عن الحركة، كادت الرحلة السعيدة أن تتحول لكابوس مزعج لو حدث مكروه للفتاة، إلا أن محاولات إنقاذ الفتاة كُللت بالنجاح ومر اليوم بسلام، لكن كان لهذا اليوم مفعول السحر في تحول حياة الفتاة تمامًا 180 درجة، بعدما أفاقت من غيبوبتها سألت عن الشاب الذي ألقى بنفسه ورائها لإنقاذها، وعلمت أنه زميل لها بنفس الجامعة يدرس بكلية طب الأسنان، توجهت إليه وقدمت له الشكر جزاء ما فعل، وخلال حديثها معه شعرت أنها تمر بإحساس غريب لم تعتاده ولم تمر به من قبل، تكررت مرات مشاهدتها لهذا الشاب بحكم الرحلة التي جمعتهما سويًا لعدة أيام، كانت ضربات قلبها تزداد خفقانًا كلما لمحته أو سمعت أسمه.
لقاء غرامي بالصدفة
انقضت أيام الرحلة على خير وعاد الجميع لمقر سكنه، لكن الفتاة ذهبت بحال وعادت بحاله غير التي ذهبت بها، فلأول مرة تشعر أن عقلها مشغول بشيء غير الدراسة، استحوذ هذا الشاب على كل تفكيرها، كانت تنتظر بداية الفصل الدراسي الثاني لتراه مرة أخرى، وعندما عادت للكلية بحثت عنه وتوجهت للحديث معه بحجة أنها تعبر عن تكرار شكرها له، ورغم علمها أن هذا الشاب متعدد العلاقات النسائية وسبق له الرسوب بالكلية أكثر من مره، إلا أن مثل هذه الأمور لم تستوقفها كثيرًا بل على العكس كانت ترى في نفسها القدرة على تغيره بالكامل،خاصة أن التضحية التي قام بها من أجل فتاة لا يعرفها تؤكد أن قلبه مليء بالطيبة، هكذا حدثها قلبها فصدقت نفسها، كانت ترى أن شهامته من أكبر المميزات التي اجتمعت في شخصه.
طالب الطب المستهتر
على الجانب الأخر بدأ هذا الشاب يلاحظ اهتمام الفتاة به وبادلها نفس الشعور بالاهتمام، وبمرور الوقت بدأت تتعدد بينهما اللقاءات، وتبادلا أرقام الهواتف المحمولة، ولأول مره تتحدث الفتاة الجميلة مع أحد الشباب هاتفيًا، شعرت أن قلبها يخفق لأول مره بالحب الذي لم تكن قبل هذا الوقت تعلم عنه شيئا، ولأنها كانت تمر بالتجربة الأولى في حياتها نجح هذا الشاب في الاستحواذ على قلبها تمامًا، إلا أن طبيب المستقبل لم يكن سوى طالب أسنان فاشل على المستوى الاجتماعي والعاطفي، مستهتر يرى الفتيات بالنسبة له مثل الورود والأزهار عندما ينتهي منها يذهب ليشتم عبير زهرة غيرها، غير أن هذه الفتاة كانت من النوع المختلف والعنيد، لم تكن من النوع السهل الذي يسُهل الإيقاع به، لذا غير من إستراتيجيته للتعامل معها، نجح في إيهامها بولعه وحبه لها بادلها نفس الشعور بالاهتمام، وبمرور الوقت بدأت تتعدد بينهما اللقاءات وأصبح لا يفترقان.
ذئب بشري في زيي طبيب
كانت قصة الحب الوهمية في حقيقة الأمر من طرف واحد، الفتاة تعشق زميلها بجنون وتتمنى لو أكملت معه المتبقي من عمرها، أما هو لم يكن سوى ذئبي بشري متجسد في زيي طالب طب يتحين الفرصة المناسبة للانقضاض على فريسته، دعاها لزيارة عائلته لتبدأ مراسم خطته الشيطانية في التنفيذ، باتت الفتاة تحلم باللقاء، راود خيالها كيفية إرضاء أم زوج المستقبل، وفارس الأحلام، ارتدت أفخم ثيابها، رائحة العطر والأنوثة المتفجرة يفوحان منها وهي لا تعلم أن هذه المرة هي الأخيرة التي ستنعم فيها بنسيم الحرية، وفي الزمان والمكان المحددين، توجهت إلى منزل حبيبها، لم تكن تعلم بأنها ستقع ضحية ذئب بشري كل ما يشغل تفكيره إرضاء شهواته فقط، بمجرد أن دلفت طالبة بنت الذوات داخل المنزل هرول مسرعًا وأغلق باب الشقة، وهجم عليها كالحيوان الجائع، قاومته بشدة حتى خارت قواها وبدأت مقاومتها تضعف رويدًا رويدًا، انطلقت من بين ثنايا فمها صرخات مكتومة كادت أن ينخلع لها قلبها بعدما تحول الحلم إلى كابوس وفارس الأحلام إلى ذئب بشري، الدموع ملئت عيناها، توسلت له أن يتركها تمضي لحال سبيلها، لكن دون جدوى، وفي لحظات من الشد والجذب لمعت أمام عينيها العار والمذلة الذي سيلحقان بها طوال العمر وهي تحمل لقب الطبيبة المغتصبة.
انتقام بنت الذوات
نجحت طالبة الطب بشكل أو بأخر نجحت في الإفلات من بين براثنه، هرولت إلى المطبخ، أحضرت سكينًا وعاجلت صديقها بطعنات متتالية وقوية في منطقة الرقبة، لم يتمكن من المقاومة بعدها، خارت قواه وسقط صريع على الفور وأصبح جثة هامدة، دقائق قليلة ساد الصمت أرجاء المكان، عصفت بها الأفكار المتلاحقة كالأمواج المتلاطمة وهي تفكر في طريقة تنقذ بها نفسها من الورطة والفضيحة التي وضعت نفسها فيها، هداها تفكيرها إلى سرقة بعض المتعلقات الشخصية وبعثرة باقي محتويات الشقة حتى تبدو الجريمة في حالة اكتشافها وكأنها جريمة قتل تمت بغرض السرقة ثم جمعت شتات نفسها وانتظرت حتى أطبق سكون الليل على المكان وتسللت هاربة في هدوء دون قبل يشعر بها أي شخص.
الهاتف الصامت
من جانبهم حاول أصدقاء طالب الطب الاتصال به أكثر من مرة لكن لا مجيب، فتوجه أحدهم لمنزله لاستطلاع الأمر، طرق الباب ولم يجد مجيب، ما دفعه لاستدعاء بعض أصدقائه وقاموا سويًا بكسر باب الشقة، ليجدوا جثة زميلهم الطبيب الشاب ملقاة على الأرض غارقة في الدماء وقد لفظ أنفاسه الأخيرة متأثرًا بشدة الطعنات التي وجهت له.
على الفور تم إبلاغ رجال المباحث بتفاصيل وملابسات العثور على جثة صديقهم الطبيب الشاب، انتقل على الفور المقدم حسام غانم رئيس مباحث القطامية ورجال مباحث القسم، حيث تبين من الفحص العثور على جثة المجني عليه، "أ.أ.أ"،21 سنة طالب بجامعة المستقبل ومقيم في القطامية مسجاة على ظهرها بصالة الشقة، وبها إصابات عبارة عن «جروح طعنية بالبطن والصدر»، ووجود بعثرة في محتوياتها، وسرقة جهاز كمبيوتر "لاب توب"، هاتف محمول حافظة نقود بداخلها متعلقاته الشخصية.
قصة حب انتهت بجريمة قتل
وأظهرت المعاينة الأولية أن هناك رغبة جامحة في الانتقام من المجني عليه وهذا الأمر فسره رجال المباحث من خلال شدة وقوة الطعنات وكثرة عددها التي تجاوزت الـ 25 طعنه في أنحاء متفرقة من الرقبة والصدر، بدأت تحريات موسعة حول الحادث صارت كلها في طريقين متوازيين، الطريق الأول ربما تكون الجريمة تمت بدافع السرقة فعلًا ووقعت مشاجرة بين القاتل والمجني عليه أودت بحياته، أما الطريق الثاني أن الجريمة ربما تكون وقعت بدافع الانتقام لأي سبب، التحريات وكلام الشهود أكدوا أن المجني عليه لم يكن فوق مستوى الشبهات ومعروف عنه تعدد العلاقات النسائية، لكن خيط رفيع أمسك رجال المباحث بتلابيبه وهو كلام الصديق المقرب للمجني عليه والذي أكد أن المجني عليه كان علاقة بفتاة زميلته كانت هي محور اهتمامه خلال الأسابيع الماضية، كانت هذه المعلومات كفيلة بتغيير دفة القضية تمامًا، تم استدعاء الفتاة للتحقيق معها، وبتضييق الخناق عليها اعترفت بكل شئ وبتفاصيل جريمتها البشعة، مؤكدة أنها لم تكن تقصد قتلة وإنما الجريمة وقعت بغرض الدفاع عن النفس، لافته أنها دافعت عن شرفها حتى النهاية ورأسها مرفوع، بعدما غرر بها حبيبها وأوهمها بقصة حب مزيفة، ونجح في استقطابها لزيارة والدته ومن ثم حاول اغتصابها.
حلم طالبة الطب تحول لكابوس
تم تحرير محضر بالواقعة برقم 1550 لسنة 2016، تضمن كافة تفاصيل الجريمة واعترافات المتهمة وكلام الشهود، حيث تمت إحالة المتهمة للنيابة العامة التي أمرت بحبسها 15 يومًا على ذمة التحقيقات الجارية معها، ثم أحالتها نيابة القاهرة الجديدة، برئاسة المستشار محمد سلامة عقب انتهاء التحقيق معها لمحكمة الجنايات، بتهمة قتل زميلها طالب بكلية طب أسنان، بعد أن استدرجها إلى شقته في القطامية بزعم التعرف على أسرته، إلا أنها اكتشفت عدم وجود أحد بالشقة وحاول حبيبها اغتصابها وهددها بسلاح أبيض لكنها غافلته، ووجهت له عدة طعنات أودت بحياته، وفرت هاربة.