ما أقوله في هذا التحقيق ليس كلاماً مرسلاً وإنما من خلال تجربة شخصية حينما سنحت لي الفرصة بالتعرف على تلك الشخصية الغامضة والمتقلبة التي تُدعى نادية يسري .
حضرت نادية يسري إلى لبنان للظهور عبر شاشة تلفزيون المستقبل في برنامج "سيرة وإنفتحت " مع الاعلامي زافين كيوميجيان في محاولة منها لتبييض صفحتها أمام الاعلام اللبناني بعد أن فشلت في تحقيق ذلك من خلال الاعلام المصري وقُدّر لي أن أكون في مواجهتها في الحلقة فقد حضرت الى لبنان محتمية بالجنسية البريطانية مؤكدة بأن سعاد حسني قد انتحرت وأن كل الدلائل التي تملكها تشير إلى ذلك في الوقت الذي كنت أدرك تماما أن هذه السيدة تخفي شيئاً ما في جعبتها ولن تقوله على الاطلاق وهذا الشيء لا يتعلّق بأسرار سعاد حسني و إنما بالطريقة التي قضت بها النجمة الأكثر لمعانا في تاريخ السينما العربية .
وقد عادت قضية سعاد حسني إلى البروز من جديد وبقوة هذه المرة بعد أن قررت شقيقتها جانجاه إصدار كتاب يتحدث عن ملابسات مقتلها وكنا في "العرب اليوم " السباقين بإعلان هذا الخبر ونشر صورة عن غلاف الكتاب ويتضمن الكتاب بشكل واضح وصريح أسماء الذين تورطوا في مقتل سعاد حسني من وجهة نظر شقيقتها، وبالتأكيد فإن الاسم الابرز الذي سيرد في هذا الكتاب هو اسم نادية يسري المرأة اللغز التي جلست معها لساعات طويلة وسوف يتضمن الكتاب أيضاً أكثر من 180 وثيقة من أبرزها وثيقة الزواج العرفي بين سعاد حسني وعبد الحليم حافظ والذي شهد عليها كل من الاعلامي الراحل وجدي الحكيم والفنان الكبير يوسف وهبي.
صحيح أن عائلة العندليب تشكّك في هذا الزواج وامكانية حصوله وأن كل ما في الأمر أن ثمة علاقة حب ربطت بين الطرفين ولكن الاعلامي مفيد فوزي قالها بصراحة وبعد طول صمت بأنه كان حاضرًا مراسم الزواج ولكنه لم يشهد عليه كونه قبطياً مسيحياً".
وبالعودة إلى نادية يسري المرأة التي تبدو لك منذ النظرة الاولى بأنها شخصية غير سوية فعندما عقدنا اللقاء الاول تمهيداً للحلقة كانت تبكي سعاد صديقة العمر وبعد عدة دقائق تضحك وكأن شيئاً لم يكن وحينما توجِّه لها سؤالاً محرجاً تتلعثم وتدعي بأنها لا تستطيع التعبير باللغة العربية وحينما تريد ايصال فكرة معينة تتحدث العربية بطلاقة وحاولت إقناعي بشتى الطرق أن سعاد قد إنتحرت ولم أكن اريد حرق أوراقي فأوهمتها بأنني مقتنعة تماما بما تقول والمحامي اللامع والصديق عاصم قنديل كان قد حذرني مسبقاً منها ومن قدرتها على إقناع الناس بأن السندريلا قد انتحرت فعلاً ولكنني كنت على يقين بخاصة بعد أن قابلتها أن هذه السيدة تخفي شيئا، وقلت لها بصراحة بأنك كنت متزوجة من رجل يدعى محمد القاضي فلماذا لا تريدين إلقاء الضوء على معاناتك وحياتك الخاصة فهددت بمغادرة الحلقة.
ولكن حرصاً مني على إكمال الحلقة بوجود طبعا المضيف زافين والزميلة الاعلامية نداء عودة لم أتطرق إلى هذا الموضوع على الاطلاق ولكنني ظللت أسأل نفسي لماذا تفرض هذه السيدة ستارا حديدياً حول حياتها الشخصية إدعت خلال الحلقة بأنها تعرف سعاد عن قرب منذ سنوات عديدة ولكن كل المقربين من سعاد يؤكدون بأن علاقتها بها كانت سطحية للغاية وانها تعرفت عليها في مصر بالصدفة البحتة وكانت وقتها نادية يسري تعاني من صدمة عاطفية بعد قصة حب فاشلة مع أحد الممثلين ثم هاجرت إلى لندن وعملت لفترة عند الراقصة منى السعيد التي كانت تملك ملها ليلياً في لندن لا تحب نادية يسري ذكر تلك الحقبة على الاطلاق بل تتجاهلها تماما وعندما تتحدث اليها تجد بأن أقوالها متناقضة إلى حد بعيد فهي تارة تبكي وتقول "سعاد قتلت بين أحضاني " ثم تضحك بعد ذلك وتعود لتتذكر النظرة الاخيرة التي ألقتها سعاد عليها قبل الانتحار كما تدعي نادية يسري.
و كما يصفها سمير صبري وكما رأيتها أنا سيدة غير متزنة فهي تارة تقول بأنها سوف تكتب يوماً قصتها مع سعاد حسني وطورا تقول أن سرّ سعاد سوف يموت معها فما هو هذا السرّ يا ترى ؟ ولماذا لا تريد الافصاح عنه هي التي اتهمتها الفنانات المصريات بأنها وراء مقتل سعاد .
ويقول جيران نادية يسري في مبنى "ستيوارت تاور" إنهم سمعوا جلبة وشجارا يدور داخل الشقة وعندما سألت نادية عما قاله جيرانها نفت نفياُ قاطعاً هذا الأمر.
وكانت حياة السيدة تتأرجح ما بين العيش الرغيد والافلاس الكلي ولكن في كل مرة كانت تجد من يقف إلى جانبها لكي تقف على قدميها وتستكمل مسيرة حياتها وعندما تسألها عن الموعد الذي أتت فيه سعاد اليها تجيب لقد أتت قبل انتحارها وتشدّد على كلمة انتحار قبل ثلاثة ايام ثم تقول كلا قبل يومين وتجهش بالبكاء قائلة لا استطيع أن اتذكر لقد كانت صدمتي قوية برحيلها.
وفي الوقت التي تؤكد فيه وتتهم الجميع بأنهم غدروا بسعاد والبعض نسيها الا أن الدكتور عصام عبد الصمد أحد الاطباء المعالجين لسعاد يؤكد بأن سعاد نفسها كانت تتحاشى التواصل مع اي من معارفها بخاصة خلال فترة العلاج وانه لم يسمع على الاطلاق من سعاد حسني بأن لديها صديقة مقربة تدعى نادية يسري بل هي مجرد معرفة سطحية وهذا ما لمسته عن قرب فحين كنت اسألها عن اشياء تتعلّق بسعاد لم تكن تجيبني سوى عن الايام الاخيرة التي قضتها عندها متهمة زوج النجمة الكبيرة ماهر عواد بعدم السؤال عنها وإهمالها وهو الصامت الاكبر في هذه القضية حتى جانجاه نفسها لم تتحدث حتى الآن عن الدور الذي لعبه في حياة سعاد في السنوات الأخيرة من زواجهما .
ولكن في نفس الوقت سوف يتضمّن الكتاب وثيقة بخط يد سعاد ترسم خارطة طريق للاعمال التي ستقوم بها بعد عودتها فهناك تحضير لفيلم ثم لمسرحية فكيف تقوم سيدة بالانتحار وهي تستعدّ للعودة بهذا الزخم ؟.
وحدها نادية يسري تؤكد فرضية الانتحار وتُصرّ عليها وقد اعتبرت في ذلك الوقت بأن القضية منتهية طالما أن سكوتلنديارد قد قال كلمته الاخيرة في هذه القضية لتأتي جنجاه اليوم وتقلب الطاولة وتظهر وثائق تتشابك فيها الاحداث ما بين المذكرات الشخصية والعمل مع المخابرات العامة.
وبالرغم من انها تلقت تهديدات بالقتل كما تزعم الا أنها متمسكة بإصدار الكتاب وتقول بالحرف الواحد إن جميع الوثائق الموجودة في الكتاب نسخها الأصلية خارج مصر ولو حدث لها أي مكروه قبل صدور الكتاب فإن ثمة من سيظهر تلك الوثائق على الملأ، عندها تذكرت نادية يسري حينما قالت سأموت وسرّ سعاد معي ثم عادت لتعرض عليّ بأنها مستعدة لرواية مذكراتها مع سعاد بشرط أن اؤمن لها دار نشر ومن يقوم بصياغة المذكرات؟
اسئلة كثيرة تُطرح حول شخصية هذه السيدة التي اختفت عن مسرح الاحداث لتعيدها جانجاه بقوة من خلال هذا الكتاب .