النوادي الليلية

ينشط في العاصمة العراقية بغداد أعدادًا كبيرة من محلات المشروبات الكحولية والنوادي الليلة على جانبي الكرخ والرصافة، أغلبها لا يخضع للرقابة الصحية أوالحكومية، ما يجعلها تشهد الكثير من التجاوزات القانونية والصحية.

وتتعامل العديد من الجهات التنفيذية في الدولة لتوفير غطاء قانوني لوجودها وحمايتها، وتنادي الراقصات في الملاهي الليلية بعبارات تستدرج جيوب الزبائن السذج من الذين يرتادونها مثل "العين ما تهوى غير أبو عليوي"، و"تروحلك فدوة نغم يابو سميرة"، ليكون ثمن كل عبارة منها 500 ألف دينار .

ويرتاد العديد من القاصرين هذه النوادي دون ان يحكمهم السن القانوني، اذا تغص هذه النوادي نظرها عن الفتية دون الـ "18" عامًا خاصة في المناسبات العامة وايام العطل، ويتعرض هؤلاء القاصرين الى ابشع انواع الاستغلال، بسبب قصور عقولهم من خلال تعاطيهم لحبوب الهلوسة والمخدرات.

وأكد مصدر خاص لـ"لايف ستايل" ان "اغلب النوادي الليلة يباع فيها المخدرات وحبوب الهلوسة، وتعمل هذه النوادي الى كسب اكبر عدد ممكن من القاصرين حتى يدمنوا على تناولها ومن بعدها يتم استغلالهم ماديا"/ مشيرًا الى أن "هذه النوادي اكثر مالكيها من كبار الساسة واعضاء مجلس النواب  والضباط في الدولة، لذا لا تخضع للرقابة المستمرة، هنالك الكثير من اصحاب النوادي الليلة يعقدون صفقات ماليه مع رجال الدولة الذين لهم حصانات وامتيازات خاصة وهذا سبب اخر يقف بوجه القانون"، فيما أوضح ناشطون وحقوقيون في منظمات المجتمع المدني، ان " محاولة الحكومات المتعاقبة على العراق منذ 2003 والى الان تغيب دور منظمات المجتمع المدني ساعد بتنامي الكثير من الظواهر السلبية من بينها ارتفاع مدمني المشروبات الكحولية والمخدرات وحبوب الهلوسة عند المراهقين، كذلك غياب دور المؤسسة التربوية، فالطرق التدريسية في العراق كلاسيكية وغير معتمدة ولا تساعد بنضوج الوعي ولا تراعي اعمار المراهقين، كما ان التفكك الاسري الذي تشهده العائلة العراقية سبب اخر ايضا وذلك لأن الحروب تنتج ظواهر مختلفة بين هذه الاعمار لغياب الاب او وفاته".

وكشف الباحث الاجتماعي  د. حميد التميمي أستاذ علم النفس في دائرة الصحة النفسية في بغداد أنه "بالرغم من أن هناك نظريات نفسية واجتماعية وراء هذه الظاهرة التي انتشرت مؤخراً في بغداد، إلا أن المدارس الاجتماعية ركزت على قواعد الضبط ونظم السيطرة الاجتماعية والتنشئة والتحضر، ولا يمكن فهم شخصية هذا الفرد من دون معرفة الأسباب، وبدون تحليل الشخصية في ظل النظريات النفسية، فمشكلة الكبت والحرمان والنقص والعقد النفسية وظروف البلاد الحالية تجعل بعض الأفراد يستجيب لمختلف أنواع المنبهات وتقوده دوافعه إلى سلوكيات مرفوضة تؤدي به إلى الضياع، إذن يجب على الحكومات والبلدان إشباع حاجات الشباب والوقوف على اهتماماتهم وتشجيعهم على العمل المثمر والبنّاء الذي يساهم بنضجهم وابتعادهم عن كل سلوك خاطئ ومنحرف، لذا اذا كانت الحكومة جادة في الحد من هذه الظاهرة لا بد من اعادة هيكلية المؤسسة التروبية ودعم منظمات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الانسان وفتح افاق متعددة لاهتمامات المراهقين ومحاسبة المقصرين وتفعيل الدور الرقابي على النوادي الليلة".

وكانت النوادي والجمعيات والمنظمات والتجمعات الثقافية والفنية والاجتماعية والنقابية في العراق تطوعية لا يبتغي اعضاؤها الربح وكانت تقدم خدمات لمن يستحقها من الناس وكل ما كانت تهدف اليه ان تكون مكملة لمستلزمات الدولة المدنية العصرية، وتحدّث عضو الهيئة الادارية لنادي العلوية د. كاظم المقدادي قائلا: "النوادي الترفيهية منها العائلية ومنها غير ذلك مثلا العلوية تأسس سنة ١٩٢٤ ومازال من النوادي العائلية المهمة الذي يشكل قاعدة مهمة للمجتمعات المدنية في العراق"، مستدركا: "بالمقابل هناك الكثير من النوادي الترفيهية التي لا تمتع بصفات النوادي العائلية وتأسست بدون اجازات اصولية، مما سمح للجماعات المسلحة بالهجوم عليها ليس بدافع قانوني. إنما لكي تخضع لسلطة وإدارة الميلشيات وهذا يترتب عليه فرض اتاوات وغيرها في شارع عرصات الهندية، سمحت الميلشيات بفتح الملاهي للكسب المادي وهي تدعي انها من احزاب اسلامية"

واضاف المقدادي: "المفارقة هنا ان الملاهي كثرت في المناطق التي تكثر فيها مقار الأحزاب الدينية المطلوب ان تنتبه وزارة السياحة ومحافظة بغداد لهذا الامر الذي يسبب ازعاجا للأهالي، لان الملاهي موجودة اليوم في المناطق السكنية"، مضيفا: "لذلك يفترض ان يعود دور وزارة السياحة لتنظيم عمل النوادي الاجتماعية لأنها ضرورية لمجتمع مدني نريده وبهذا التنظيم الاداري يمكن منع الميلشيات وغيرها من الهجمات التي تقوم بها كل فترة"، وبشأن نوادي الاتحادات والنقابات مثل الأدباء والصحافيين والصيادلة وغيرها التي تحولت الى بارات تدخل بمجرد دفع مبلغ بسيط يسمى الدخولية، أضاف: "هذه النوادي اتجهت اتجاها استثماريا.. والمتعهدون هم الذين يتحكمون بها اما أعضاء الهيئة الادارية فقد استغلوا هذا الامر وصاروا بعهدة المتعهد ولاسباب ومنافع مادية بحتة".