تتعرض واحدة من بين 8 نساء في الولايات المتحدة إلى الإصابة بسرطان الثدي خلال حياتها، واتضح أن 8 في المائة من هؤلاء المصابات كان هرمون الإستروجين السبب وراء ذلك، ولهذا يعتبر حصول المرأة المصابة بسرطان الثدي على هرمون الإستروجين واحدًا من الطرق المتاحة لعلاج هذا الداء.
وقد تتناول السيدات المصابات بسرطان الثدي أدوية تعوق عمل هرمون الإستروجين، ولكن الهرمون له فوائد ينبغي النظر فيها وأن تؤخذ في عين الاعتبار وهو ما يؤثر بشكل خاص على النساء بعد سن اليأس واللاتي تعرضّن إلى صدمة إجراء عملية جراحية بسبب انتشار سرطان الثدي، ولهذا يواجهّن قرارًا صعبًا، فهل ينبغي عليهّن تناول ما يحجب هرمون الإستروجين أم لا؟ وهل يستحق العلاج كل هذا العناء من حيث تحقيق التوازن بين خطورة تكرار السرطان بالإضافة إلى المشكلات المحتملة المتعلقة بالحياة؟
ولهذا من الضروري عند وصف دواء معين لحالة تعاني من سرطان الثدي بعد سن اليأس فإنه يتعين على الأطباء الأخذ في الاعتبار تأثير العقارات التي تحجب هرمون الإستروجين على العظام والرحم، ويجب على الأطباء أن يأخذوا أيضًا في عين الاعتبار التأثيرات على جوانب أخرى من صحة المرأة، حيث يعد تأثير هرمون الإستروجين مفيد للصحة العقلية، ووظائف الإدراك والرغبة الجنسية وحماية الدماغ وربما يتسبب نقصه ببداية مرض الزهايمر.
وفي حوار له يوضح البروفيسور جيفري بلاوستين عالم غدد عصبية ودرس تأثير الهرمونات بما فيها تأثير هرمون الإستروجين على الدماغ والسلوك والصحة العقلية وذلك على مدار 40 عامًا، الكثير حول هذا الأمر.
يؤكد العالم الكبير أن الأمر ليس متعلقًا في الواقع بأن هرمون الإستروجين هو من فئة الهرمونات غير المفهومة ولكن الهرمون له العديد من الوظائف الإيجابية، وبالنسبة لأي عقار للصحة فإن التأثير الإيجابي المحتمل لا بد وأن يكون أكثر من التأثير السلبي.
ويوضح بلاوستين أنه لا يوجد هرمون بهذا الاسم ولكنه فئة من الهرمونات وهناك 3 أشكال مختلفة من الإستروجين في الجسم وهي إستراديول وإيستريول وإيسترون، وعلى الرغم من أن وظائفهما متشابهة جدًا إلا أنها تختلف في قوتها، ويمكن العثور على الإستروجين في النباتات مثل فول الصويا وأحيانا كما يطلق عليها ببساطة "إستروجين" وعلى الرغم من أن تأثيرها قد يختلف عما يفرزه الجسم.
وبالنسبة إلى الإستراديول فهو الهرمون المهيمن على الإستروجين الموجود في فترة ما قبل انقطاع الطمث ويتم إنتاجه بشكل رئيسي في المبيضين، وفي معظم الحالات يعد هذا هو الشكل الأكثر فاعلية من الإستروجين، أما الإيستريول فهو الشكل السائد خلال فترة الحمل وينتج في المشيمة وخلال انقطاع الطمث تنخفض مستويات الإستراديول ويعد هرمون الإستروجين السائد هو الإيسترون الذي ينتج في الأنسجة الدهنية.
وتوجد فئات من الأدوية التي تحجب عمل هرمون الإستروجين التي غالبًا ما توصف للنساء اللاتي لديهم مستقبلات إستروجين ومصابات بسرطان الثدي، حيث تمنع وصول الإستروجين إلى مستقبلات الخلايا في الجسم بما في ذلك الخلايا السرطانية، ولا يزال الجسم ينتج الإستروجين لكنها تكون غير مؤثرة في بعض الخلايا.
أما الفئة الثانية فتسمى مثبطات الهرمونات التي تمنع إنتاج الإستروجين، ويعمل كلًا النوعين من الأدوية الحاجبة لدور الإستروجين على الدماغ بالإضافة إلى الثدي والمبيض والمهبل وأجزاء أخرى كثيرة من الجسم، ومنذ أن بدأت هذه العقاقير بمنع تأثير هرمون الإستروجين فإنه ينبغي علينا أن نتوقع أنه بجانب حجب الآثار السلبية للاستروجين على سرطان الثدي بأنهم سيحجبون الآثار الإيجابية للهرمون على الدماغ والصحة العقلية، ولسوء الحظ فهناك الكثير من التجارب التي تقيم مباشرة تأثيرات هذه العقاقير على محاربي سرطان الثدي تفتقد إلى الضوابط الأساسية.
ويعتبر إعطاء علاج وهمي إلى مجموعة من النساء يعانين من خطر مرتفع لتكرار الإصابة بسرطان الثدي شيئًا غير أخلاقي، وعلى الرغم من أنه هناك حاجة لمزيد من الأبحاث حول آثار مضادات الإستروجين على النساء بعد سن اليأس اللاتي يعانين من سرطان الثدي يمكننا أن نخلص من هذا إلى أن مضادات الإستروجين من المرجح أنها تؤثر على حياة بعض النساء.
ما هي التأثيرات الإيجابية لهرمون "الإستروجين"؟
غالبًا ما يتم التقليل من شأن الكثير من الوظائف الإيجابية لهرمون الإستروجين وتأثيرها على الصحة، ويعد هرمون الإستروجين مسؤولًا عن تطوير الأنسجة التناسلية والخصائص الجنسية الثانوية للإناث في مرحلة البلوغ، كما أنه يحافظ على كثافة العظام ويقلل من خطر الإصابة بهشاشة العظام وهو ما قد يتسبب في كسر العظام بسهولة لكن الدور الذي يلعبه الإستروجين فيما يتعلق بصحة المرأة أبعد بكثير من الصحة الإنجابية وكثافة العظام.
ويعد أحد الآثار الأكثر عمقًا وأهمية لهرمون الإستروجين هو تأثيره على الدماغ فعلى سبيل المثال الهبات الساخنة التي تعاني منها الكثير من النساء اللاتي تمر بمرحلة سن اليأس، وذلك بسبب فقدان هرمون الإستروجين الذي يؤثر على الدماغ بما في ذلك المشاركة في تنظيم درجة الحرارة، كما أنه يمكنه التأثير على الوظائف الإدراكية حول كيفية تفكيرنا وخاصة الذاكرة اللفظية والطلاقة والتي تتعلق بذاكرة الكلمات وكيف نعبر عن أنفسنا من خلال اللغة، وفي أثناء الوقت الذي تنقطع فيه الطمث عند كثير من النساء فإنه يعتقد أنه يكون لها تأثير على مضادات الاكتئاب.
ويعتقد أيضًا أن لغياب هرمون الإستروجين دور في اضطرابات النوم خلال فترة انقطاع الطمث، وقد يؤثر انخفاض نشاط الهرمون أيضًا على الدماغ خلال انقطاع الطمث، وهو ما يؤثر بدوره على الرغبة الجنسية، وأخيرًا فإن الهرمون قد يكون وقائيًا في الدماغ وهو الأمر الذي ظهر في الرئيسات من غير البشر، ويعمل هرمون الإستروجين أيضًا على تقليل التعرض إلى مرض الزهايمر (الخرف) لدى النساء.
إيجابيات وسلبيات موانع الإستروجين
هل ينبغي على النساء اللاتي لديهن مستقبلات إستروجين ويعانين من سرطان الثدي تناول مثبطات لهرمون الإستروجين؟
القرار سواء كان استخدام موانع الإستروجين أو عدم استخدامها هو قرار معقد ويجب على كل امرأة التشاور مع طبيب الأورام المعالج لها، وتكمن الآثار السلبية المحتملة لموانع الإستروجين في التأثير على الدماغ والحياة ، ولاتخاذ هذا القرار بشأن العلاج الذي يمكن أن يؤثر على الحياة فسيكون من الأفضل التحدث إلى الطبيب المعالج الذي هو على دراية بالآثار السلبية المحتملة وكذلك الآثار الإيجابية لهذه العقاقير.