تواجه الروسية فارفارا كارالوفا، تهمة الانضمام إلى "داعش"، أمام المحكمة العسكرية في العاصمة الروسية موسكو، موضحة أنها وقعت في حب أحد المتعصبين ويدعى إيرات ساماتوف، وتزوجته سرًا عبر الانترنت في حفل افتراضي.
ودافعت كارالوفا عن نفسها، قائلة "لعل قمصان النوم العارية، والتي امتلأت بها حقيبة السفر الخاصة بي أثناء سفري إلى سورية، تقدم دليلًا دامًغا على براءتي من التهم التي نسبها لي جهاز الاستخبارات الروسية، التابعة للرئيس فلاديمير بوتين، حول محاولتي الانضمام لأحد التنظيمات المتطرفة التي تعمل على تجنيد السيدات الانتحاريات".
وتستطرد الفتاة الروسية حديثها، والذي نقلته عنها صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، "أن علاقتها به ليست وليدة اللحظة، ولكنها بدأت منذ ثلاثة أعوام، إلا أنها لم يكن لديها أية نية لتعمل كانتحارية في جماعة متطرفة"، مدللة على حديثها بأنها قامت بشراء ملابس داخلية مثيرة لإغراء زوجها ساماتوف، والذي عرفته باسم فلاد، عند مقابلته خلال سفرها إلى سورية.
وهربت كارالوفا من منزلها العام الماضي متجهة إلى سورية، وقدمت المخابرات البريطانية المساعدة لموسكو، وتتبعتها حتى يتم القبض عليها على الأراضي التركية، بين 14 مواطنًا روسيًا اخرين، تم تجنيدهم من قبّل المتطرفيين للحاق بالتنظيمات في سورية. وعند عودتها لروسيا، منحتها الحكومة الحماية في البداية، حيث تم اخبارها بأنها لن تواجه المحاكمة، إلا أنه تم اتهامها بارتكاب جرائم إرهابية بعد ذلك في أعقاب عمليات قام بها جهاز الأمن الداخلي الروسي، حيث أنها من المحتمل أن تواجه عقوبة السجن لمدة تصل إلى عشرة أعوام.
وأوضحت الصحيفة البريطانية البارزة أن الفتاة الروسية محتجزة حاليًا في سجن ليفورتوفو سيء السمعة، والذي طالما استخدمه الزعيم السوفيتي الأسبق ستالين في احتجاز وتعذيب السجناء السياسيين، موضحة أنها تواجه اتهامات تتعلق بمحاولة الانضمام لتنظيم "داعش" مرتين، حيث يقوم التنظيم المتطرف بتجنيد السيدات للقيام بعمليات انتحارية في سورية وروسيا.
وتتابع كارالوفا، والتي ظهرت أمام المحكمة بينما يملأ وجهها مساحيق التجميل وبدون الحجاب الذي سبق وأن ارتددته أثناء رحلتها إلى سورية، قائلة "لم أنضم إلى أية مجموعات. أنا لست إرهابية ولن أكون كذلك يومًا ما، وعند الحديث عن هؤلاء الذين يرتكبون أعمالًا انتحارية ربما لا أجد الكلمات المناسبة التي يمكنني استخدامها لوصفها، وربما يبقى مستحيلًا بالنسبة لي الاستماع لمثل هذه القصص". وأضافت الفتاة الروسية، خلال كلمتها في المحكمة، أن ساماتوف كان مقاتل في تنظيم "داعش"، ضمن ما يسمى بقوات العاصفة، إضافة إلى عمله كطبيب بين صفوف التنظيم.
وكشفت والدة الفتاة الروسية، وتدعى كيرا، أن كارالوفا اشترت ملابس داخلية مثيرة استعدادًا لرحلتها إلى سورية، إضافة إلى عدد من الجوارب، وكذلك ملابس بحر، حيث تساءلت "ما الحاجة إلى شراء مثل هذه الأشياء إذا ما كان الهدف من الرحلة هو الانضمام للجماعات المتطرفة، وهل تحتاج الفتاة إلى مثل هذه الملابس إذا كانت ذاهبة للحرب؟ وبالطبع لا، فهذه الملابس تثبت أنها تسافر للقاء الرجل الذي تحبه".
وأكدا والدا الفتاة، وهما مطلقان، أن كارالوفا كانت تعاني من حالة افتتان مرضي بصديقها الافتراضي، والذي تبين بعد ذلك أنه يعمل في تجنيد المتطرفين للانضمام إلى تنظيم داعش الإرهابي.
واتهم المدعي العام الروسي ميخائيل ريزينشينكو، الفتاة الروسية بمحاولة الانضمام عمدًا لفرقة بدر العسكرية التابعة لتنظيم "داعش" المتطرف، وتتألف هذه الفرقة من المجاهدين القادمين من الشيشان، ويقوم دورها على التخطيط والعمل على تنفيذ عمليات إرهابية تخريبية سواء في سورية أو الاتحاد الروسي. وبعد فشل محاولتها الأولى في الذهاب إلى سورية، كشف جهاز الأمن الفيدرالي الروسي أنها حاولت ذلك مرة أخرى، وهو الأمر الذي شككت فيه الفتاة الروسية.
وبيّن الجهاز الأمني أنها كانت ناشطة على الانترنت حيث استخدمت عدة أسماء، من بينها أمينة سيخيتينوفا، وكذلك صوفيا تشيفيتشينكو، حيث كانت تحاول التواصل مع مجموعات من أجل تنظيم رحلة إلى سورية، وأنها مارست تدريبات بدنية، وأخرى قتالية، ولذلك كانت قادرة على القيام بأية مهام.
وكان والد الفتاه الروسية بافل كارالوف سافر إلى تركيا في المرة الأولى التي هربت فيها ابنته، والتي كانت لا تتعد 19 عامًا في ذلك الوقت، وتمكن بالفعل من استعادتها بعد أن تم توقيفها على الحدود التركية السورية قبل دخولها إلى الأراضي السورية. وبعد إعادة ابنته مرة أخرى إلى موسكو، بحسب تصريحات الأب، فقد تلقى رسائل عديدة من عائلات في بريطانيا والولايات المتحدة، حيث أن بناتهم تزوجن من جهاديين عبر الانترنت، الأمر الذي دفعهن إلى السفر إلى الأراضي السورية والانضمام للتنظيمات المتطرفة هناك.
وحذّر بافل قائلًا "أموال طائلة تدفع فقط من أجل رؤوس بناتنا، حيث تدار عشرات ومئات الألاف من أجل تجنيد البنات، حيث ترتفع الأسعار بصورة كبيرة إذا كانت البنات اللاتي يتم تجنيدهن من العذاري أو يتحدثن عددًا قليلًا من اللغات". وأضاف أن ابنته لم يكن لديها أي صديق قبل تعرفها بهذا الفتى الداعشي، موضحَا أنها كانت متفوقة أثناء دراستها مجال الفلسفة في جامعة موسكو، ولكن تبقى جريمتها الوحيدة هي الوقوع في حب هذا الشاب المتطرف. وواصل حديثه "إنها سقطت في الحب، وأنها ليست ضحية شخص واحد، ولكن فريق عمل كامل يعمل من أجل تحقيق نتائج، وأنها ارتكبت خطأ، ولكننا جميعا نرتكب مثل هذه الأخطاء في مثل هذه المرحلة العمرية".
وقالت والدتها كيرا، إنها كانت في بداية الأمر تشعر بقلق شديد من جراء عدم ارتباط ابنتها عاطفيًا، إلا أن أصدقائها أخبروها أنها مرتبطة بشاب تعرفت عليه خلال شبكة الإنترنت، حيث أن كل ما تعرفه هو أنه كان زميلها في المدرسة، ولكنه لم يقابلها إطلاقًا بعد ذلك. وفي الواقع لم أكن أتفهم مثل هذه العلاقات التي تنشأ خلال الإنترنت، موضحة "لا أعتقد أنه كان وسيمًا أو زكيًا لهذه الدرجة، إلا أنه ربما لعب بمشاعرها".
وأشار ستانسيلاف بوشيف، ويعمل أستاذًا جامعيًا، إلى أن "فارافارا التحقت بالجامعة في صيف 2013، ولكن في عامها الدراسي الثاني في الجامعة، وتحديدا في شبط/فبراير 2015، لاحظ أساتذتها أنها غيرت طريقتها في اختيار ملابسها، حيث أصبحت تميل إلى الملابس ذات الألوان الداكنة، وارتدت حجابًا، وهو ما يعني أنها غيرت دينها. وأضاف "بعد ذلك، أصبحت الفتاة أقل تركيزًا خلال محاضراتي".
وأكد أستاذًا أخر أنها أصبحت تطلب الخروج للصلاة أثناء محاضرات التربية البدنية. إلا أنها بالرغم من ذلك، كانت حريصة على ارتداء أزياء عصرية أثناء جلسات محاكمتها، وأحيانًا كانت قصيرة. وقالت والدتها أن جهاز الاستخبارات الروسي طلب من الفتاة التواصل مع صديقها المتطرف، حيث تبقى على مراسلته واستخدام نفس الكلمات والعواطف التي اعتادت على استخدامها عند الحديث معه، ولكن يصبح الأمر تحت سيطرتهم.
وأوضحت كيرا أن الأمر يشبه إعطاء زجاجة من الخمر لمدمن كحوليات، وأن أجهزة الأمن الروسية اتهمت ابنتها بعد ذلك بالتواصل، مجددًا مع الفتى الداعشي، وأن رسائلها له كانت تحت سيطرة أجهزة الأمن الروسية. وانتقدت الناشطة الحقوقية زويا سفيتوفا قرار الاعتقال الصادر بحق الفتاة الروسية، والذي أصدرته النيابة، مؤكدة أنهم يدركون جيدًا أنها ليست لديها النية في الذهاب إلى سورية مرة أخرى، وأن تغيير إسمها هذه المره إلى ألكسندرا ايفانوف جاء بالاتفاق مع السلطات الروسية، ولكنهم في الوقت نفسه يزعمون أنها تنتوي استخدامه لتنظيم رحلة جديدة إلى الأراضي السورية.