ليلة الأحد 16 أكتوبر/تشرين الأول، كانت ليلة باردة ينيرها ضوء القمر. إنها ليلة جيدة للغارات الجوية، وبالتالي لآلاف من البيشمركة الذين تجمعوا على طول الجبهة شرق الموصل، في انتظار ساعة الصفر. كنت واقفة في سيارة مع مساعدي الكردي، السيد "أر"، وأعتقد أنني مستعدة للرحلة. لدينا ثلاث علب من البسكويت، وأربع زجاجات من الماء والكثير من السجائر. نحن على وشك الدخول إلى شيء يمكن أن يكون مركزًا وشديدًا جدا، لذا فانا أسعى إلى التعرف على السيد "أر" جيدا، فهو مازال في مرحلة الشباب ليبدو لي كابن. لديه والد على قيد الحياة وصديقة واحدة يود أن يراها كثيرا. قال لي "مهلا، لم أشارك يوما في معركة من قبل". ق
لت له "حسنا،" أنا سأبدأ بالحديث "عندما نبدأ بالاقتراب من المعركة لا تركض بعيدًا ولا تحاول السير على أي شيء ما عدا مسارات المركبات. لا تقف في تجمعات المركبات الأخرى.
وإذا كنا نسير على الأقدام فعندما تبدأ الانفجارات، فلا بد من الاستلقاء على الأرض. بالإضافة إلى أنه عليك أن "لا تأكل كل البسكويت في آن واحد، وقلل من استخدام الماء.
واحذر من فقدان ولاعة السجائر ". لقد تأكدت من أن لدى السيد "ر" دروعًا واقية للبدن، وأخبرته بما عليه فعله في حالة النزيف، وكذلك أخبرته عن الضمادات وقناع الغاز.
فالمرة الأولى التي ارتديت فيها القناع في الحرب كانت في سورية قبل ثلاث سنوات، واعتقدت أنها ستكون مرة واحدة، ولكن في هذه الأيام يعتبر الهجوم الكيماوي جزءًا منتظمًا من القتال. فنحن نضع الأقنعة الواقية من الغازات لدينا على لوحة القيادة.
وفي اليوم التالي أي يوم الإثنين، تجمع مئات من البشمركة في عربات مدرعة وعربات "همفي" وشاحنات صغيرة. وبينما يتحركون بتثاقل من خلال ثغرة في ساتر ترابي من خطوط الدفاع الأمامية، خلفت الغارات الجوية الأولى والقصف المدفعي أعمدة من الرمال من مجموعة من القرى الواطئة التي سيطر عليها "داعش" على بعد مئات الأمتار إلى الأمام. ويعرف بعض البشمركة أعمالهم جيدا والتي تبدو حادة وصعبة.
وكان من بين قوات البيشمركة وحدات الاحتياط التي تضم كبار السن من الرجال والحاملين للمدافع الرشاشة الروسية.
وفي أنحاء ساحة المعركة بدأت الرياح في دفع الأعمدة الأولى من الدخان الأسود من أكوام الإطارات التي احرقها "داعش" لإخفاء مواقعهم. ويبدو أن الساتر الترابي يجذب القليل من قذائف الهاون، لذا أخبرت السيد "ر" بالعودة للخلف.
فنحن نتحرك سيرًا على الأقدام إلى مناطق مرتفعة ونلتفت حولنا. وبينما نحن كذلك بدأ مسلح ملثم بإطلاق النار علينا من بندقية من العيار الثقيل.
فهم يصيبون الهدف من طلقة واحدة، وأثناء ذلك فقال لي السيد "ر" "مهلا، أنهم يطلقون النار علينا!" "هل نجري؟" قلت له: "لا، لا تقم بالجري. بل المشي ببطء تدريجًا ثم المشي بسرعة أكبر ".
عدنا إلى السيارة. وقام السيد "ر" بأغلاقها وبسب "الأدرينالين" الزائد وضجيج القتال لم يتمكن من الوصول إلى مفتاح الباب. وفي يوم الخميس، كان بقربي مترجمي السيد "م" الذي أعرفه منذ أن عمل معي في وقت سابق من هذا العام.
وكانت البشمركة تندفع إلى الأمام في حركات تطويقيه بارعة، وبمجاوزة أول قريتين يسيطر عليهم "داعش"، أستطيع أن أرى أنهم لم يحصلوا على عربات مدرعة كافية لتفادي قذائف الهاون التي يطلقها مقاتلو "داعش"، وكذلك الانتحاريون والعبوات الناسفة التي سيتعرضون لها لا محالة في طريقهم.
فالمعركة أكبر واعقد من أن تنتهي في يوم واحد ويبدو مع تزاحم الأرتال العسكرية المتقدمة أن في هذ الوضع ستكون هناك خسائر فادحة. فنحن نتحرك باتجاه الغرب خلف هضبة وتقود العملية القيادة الكردية العامة.
ونشاهد في منطقة أرضية تحتنا المعركة تتكشف بوضوح كما لو كنا نشاهد مجموعة من الحشرات تتحرك حول علبة من الرمال. وبسرعة في البداية، بدأت الاشتباكات العنيفة تتعقد أكثر فأكثر وكذلك طلقات الهاون والهجمات الانتحارية على الهدف الرئيسي الأكراد في قرية "تيس".
وعند الظهر وتحت غطاء من الدخان والغبار المنجرف، جاءت مركبة مفخخة وأحدثت انفجارًا كبير في المقدمة وبالتراجع للخلف، انتقلنا إلى مركز الإسعافات في "دبردان" لمعرفة مدى وقوع إصابات.
العديد من حالات الهرج والمرج وسيارات الإسعاف المسرعة والأجساد التي مزقتها المعادن.
فضحايا الانفجار أسوأ تقريبا من حالات الشظايا: فالأجساد كانت سوداء محترقة ونصف عارية. في ذلك المساء، وبفعل تأثير "الأدرنالين"، كنت استخدم جهاز الكمبيوتر المحمول بقوة.