أصبح "زواج القاصرات" ظاهرة متفشية في مصر لمن يدفع، وهو النوع الأكثر شيوعًا في عدد من المناطق وخصوصًا الريف الفقير منها، ولكن ما هي الأسباب التي تدفع القاصرات إلى الزواج؟.. وهل الأهل يوافقون على ذلك؟.. وما هو مصير الأسرة التي تقبل بهذا الزواج؟.. كل هذه الأسئلة نجيب عليها في هذا التحقيق..
"أميرة" فتاة في الثامنة عشرة من عمرها تتميز بملامح جميلة، تضع بعض مساحيق التجميل على وجهها وترتدي ملابس عصرية، تحدثت وقالت إنها تزوجت من ثلاثة رجال في أقل من عام ونصف، كانت المرة الأولى لها وهي في السادسة عشرة من عمرها تقريبا حين أتى "السمسار" برجل خليجي تزوجها ما يقرب من شهرين ونصف قضاهم في شقة كان يستأجرها، وكان هذا الزواج بمبلغ 10 آلاف جنيه. موضحة أن هذا الزواج كان الأكثر قسوة بسبب عدم إداركها لكثير من الأمور. لكن بعد ذلك تعلمت التعامل مع أزواجها .
وأضافت أن زوجها الأخير كان عمره يناهز الخامسة والخمسين وكان ثريًا جدًا وتمكنت من أن تجعله يشتري لها سيارة. وتشير أميرة إلى أنها كانت تريد أن تكون مثل باقي البنات تعيش حياة طبيعية مع زوج يحافظ عليها ويكون ستراً لها وليس من أجل جسدها فقط .
وتحدثت أيضًا "سلوى" البالغة من العمر 14 عامًا في ذات الشأن، حيث قالت في أحد الأيام طلب والدها التزين قائلاً لها: "سنذهب اليوم لزيارة أحد المعارف، ثم وصلنا إلى إحدى العمارات الكبيرة في القاهرة ودخلنا إلى شقة واسعة مثل التي تظهر في المسلسلات.. ودخل علينا رجل تجاوز الخمسين يتحدث بلهجة خليجية.. سلم علىّ وكان يتفحصني".. وأخرج الرجل مبلغاً وأعطاه لوالدي" .
وتستكمل "سلوى": "عُدت أنا ووالدي إلى البيت وجلس معي هو ووالدتي بعد أن اشترى لنا كباب.. وقال لي: "الراجل اللي روحنا له ده هتتجوزيه وهو راجل طيب.. ده هيشغلني وهتسكني معاه في الشقة الكبيرة دي.. وكمان عشان أخواتك، وقتها لم أفهم ما يحدث إلا أننا في اليوم التالي ذهبنا إلى محامٍ وكتب العقد واحتفظ والدى بنسخة والعريس بنسخة أخرى.. مشيرة لأن هذا الرجل كان يعاملها وكأنه اشتراها.. وكان كثيرًا ما يشرب الخمر".
وتحدث عم عبد الرازق قائلًا: "لقد أغرانا رجل عربي لكي يتزوج من ابنتي.. وبالرغم من رفضي أكثر من مرة الا أنني وافقت على مدة ثلاثة شهور وتقاضيت مبلغاً من المال وكتبنا عقداً عند المحامي.. وأشترط على إبنتى عدم الإنجاب منه.. وبالرغم من أنه كان يعاملها معاملة ممتازة إلا أنها حين اخبرته أنها حامل.. سافر إلى بلده".
وبسؤال الناشطة هبة الرفاعي عن كيفية مواجهة هذه الظاهرة أوضحت أن الظاهرة منتشرة وبدأت تجتاح المجتمع المصري، بدأت مع بداية التسعينيات من القرن الماضي وإنتشرت وبشكل مكثف بالمحافظات المختلفة، مؤكدة أن الزواج السياحي تبدأ مدته من ثلاث ليالٍ إلى سنة تقريبا.. والسبب الاساسي في الأنتشار هم السماسرة الذين يمتهنون هذه المهنة بشكل أساسي.
وتؤكد هبة الرفاعي أن الخطورة تظهر من عقد الزواج الذى تتزوج به الفتاة والذي في الغالب لا يكتب فيه الاسم الحقيقي للزوج.. وتظهر المشكلة في حالة وقوع حمل ناتج عن هذه العلاقة.. وهو الأمر الذي يصعب أو يستحيل إثباته. وأشارت الرفاعي إلى أن الفتيات في الغالب يستخدمن وسائل منع الحمل في السن المبكرة تتراوح بين 14 عامًا إلى 25 عامًا مما يؤثر بشكل كبير سلبًا على صحتهن الإنجابية بالإضافة للاضطرابات الهرمونية .
وأوضحت أن الفئات العمرية ما بين 12 و16 عامًا هى الأكثر طلبا في نظام الزواج السياحى وتمثل هذه الفئة 67% تليها الفئة العمرية من 16إلى 18 فى المرتبة الثانية بنسبة 33% من إجمالى العينة وهذا بحسب الدراسة التي قامت بها .
وأرجعت اتجاه الأسر للزواج السياحي إلى الفقر والبحث عن الثراء السريع، وتؤكد أن الكارثة أن الفتاة تظل تتزوج دون مراعاة حتى لشهور العدة أو أي أعراف، فبعض الحالات التي رصدتها كانت تتزوج بمعدل كل شهر تقريبًا من رجل مختلف أو بعد انتهاء مدة العقد، وتشير إلى أن هذه الحالات منتشرة وتمثل نسبة كبيرة بين الفتيات مما يصيبهن بأمراض خطيرة جدًا ويصل بعضها إلى الوفاة.