اتجهت الأنظار في الآونة الأخيرة نحو "الأعمال المركبة"، أحد تيّارات الفن المعاصر حيث يقوم الفنان فيه بتنظيم مكان أو غرفة، سواء برسمها أو تزيينها أو إضافة مواد جاهزة بوضعها أو بتعليقها في الفراغ، ويستطيع المشاهد الدخول للمكان والتجول فيه كما لو كان جزءاً منه، وقد تتحرّك الأشياء الموجودة بالآلات أو بطرق أخرى.
وتعتبر الفنانة الأفريقية، لبينا حميد، من رواد ذلك الفن بما صممته من تحف فنية رائعة، ومن أروع ما أنتجته الفنانة، التحفة التي صممت في مركز "Spike Island" في بريستول، فقد رسمت الفنانة مائة شخصية أفريقية مصطفين يحملون بعض الآلات الموسيقية.
وتشتهر لبينا بالأعمال التي ترمز إلى الأفريقيين الذين غزت أوربا أراضيهم وأخذوا منهم الكثير من الأسرى واستعبدوهم، فمن ضمن الشخصيات التي رسمتها لبينا ، الطبالون ومدربو الكلاب والراقصون والخزافون والبستانيون.
كما صممت على ظهورهم رقع لاصقة مكتوب عليها أساميهم الأصلية، وأيضا الأسماء التي أسموهم بها الأوروبيون، وكذلك بعض النصوص من الموسيقى التصويرية، مصحوبة ببعض التقطيعات من الموسيقى الإيرلندية والموسيقى اليهودية والموسيقى الأفريقية.
يذكر أن القطعة التي أسمتها لبينا “تسمية الأموال" ترتبط في إيحاءاتها بمدينة بريستول التي كانت في الماضي مركزا لتجارة العبيد، ومن بين الأعمال التي توضح بشاعة معاملة الأغنياء للعبيد، تحفة أخرى صممتها لبينا تشير إلى بعض ملاك القطن في لانكشر ببريطانيا يعاملون العبيد بشكل سيء، وأوضحت لبينا أن تلك التحفة تشير إلى الأشخاص الذين ينتهي بهم المطاف كعبيد في أوطان غير أوطانهم.
يذكر أن لبينا قد بزغ نجمها في 1980 عندما نظمت بعض المعارض لـ رسوماتها المتميزة ومطبوعتها وتحفها المنفصلة، وتعمل لبينا حاليا أستاذة للفن المعاصر في جامعة لانكشر، وكانت الفنانة الأفريقية قد فازت برتبة الامبراطورية البريطانية عام 2010.
الفنانة لبينا لم تلفت الانتباه كثيرا في الأعوام الأخيرة، ولكن ذلك الأمر في طريقة نحو التغير بعد عمل الفنانة في معرض "Spike Island"، وكذلك تعينيها مستشارة لمعرض "The Place is Here" في نوتنغهام والذي يعد مركزا للفنون المعاصرة السوداء في بريطانيا، كما تملأ أعمال لبينا معرض أكسفورد.
من ناحية أخرى، فإننا لو تأملنا في أعمال لبينا، سنجد أنه رغم اتسامها بتأدية بعض الأغراض السياسية والاجتماعية والتاريخية، إلا أنها تتزين أيضا ببعض الألوان المزركشة التي تعبر عن بهجة الحياة، وعلقت لبينا على ذلك قائلة: "من الضروري أن تجلب الجمهور بمثل تلك الألوان، فالأعمال التي تعبر فقط عن الأحزان والآلام لا تجذب انتباه الناس".