ها نحن اليوم نكسر أحد جدران منزل متصدع وقد بدا عليه خارجياً التهالك من كثرة ما يدور بداخله من خلافات ونزاعات وضياع حقوق بعض إفراده ومن ضحاياه امرأة قدمت وأعطت الكثير في سبيل أن تبقى هذه الأسرة بالرغم من الصراع المحتدم بداخلها وبرغم ما يطالها من عنف من مصدر أمانها بعد والديها .
فكانت وجبتها اليومية من العنف الجسدي والنفسي كفيلة بها بأن تلجأ إلى القضاء لتنهى معاناتها ولكنها وخوفاً من مجتمع قد لا يرحمها آثرت الصبر عسى إن يكون صبرها خيراً لها وفرج لكربتها يوماً ولكن مع الوقت وعت بأن العمر لحظات وقد فات منها الكثير وذبلت تلك الزهرة وضاعت حقوق قد كفلها دينها قبل دستورها ،، وهي مازالت قطعة حديد واقعة بين مطرقة وسندان .
قالت المطرقة للسندان : أستطيع أن أضرب بقوة بحيث لا تستطعين التحمل .
فرد السندان : وأنا أستطيع أن أتحمل أقوى من طرقاتك ،، وبالفعل بدأت المطرقة تضرب والسندان صامد أمام ضرباتها العنيفة ..
وحينها صرخت قطعة الحديد التي كانت بينهما : أيها السادة إن المبالغة في الشيء الجيد يعد أمراً سيئاً ،، وقال الفرن : التحدي ليس له داع حين لا يكون في مصلحة أحد ... !!!
قصة المطرقة والسندان خير مثال على كثير من النساء ممن يرضين على أنفسنهن بالعيش دون مراعاة لحق ذواتهن عليهن ويحتدم الصراع بداخلهن ليتحولن في الأخير لقطعة حديد خالية من أي مشاعر وقد ينعكس ذلك حتماً في تربيتهم لأبنائهم ، ومن هنا تبدأ المشكلة الأكبر في الظهور وهو العنف الممارس على الطفل من قبل مصدر الأمان والحنان وهي الأم ، فتبدأ إسقاطاتما كانت تعانيه في تربيتها لأطفالها وتكبر السلسة ويزداد عدد الضحايا ..!!!!
وبنظرة سريعة نجد أن حالات العنف الأسري لم تكن وليدة الصدفة في مجتمعاتنا ولكنها بدأت منذ الخليقة وقد ذكر لنا القرآن الكريم أحد قصصها وهي قتل قابيل لأخيه هابيل فهي صورة من صور العنف الأسري .
وكذلك نجد عنف ممارس من قبل الزوجة على زوجها وأشكاله مختلفة ومتعددة ومنها على سبيل المثال لا الحصر الاعتداء الجسدي على الزوج والتسلط علية ومن أشد أنواع العنف الممارس هو العنف النفسي بل إن تأثيره أقوى من أي عنف آخر ويكون ممارس من قبل الزوج على الزوجة أو العكس .
وهناك حالات كثيرة من العنف قد تصل بالشخص المعنف بالانتحار لكي يتخلص مما يعانيه من ضغط نتيجة عدم وجود مساعدة له وتدخل ينهى الأزمة التي يعاني منه ، ومن هنا جاء قانون العنف الأسري ليكون مظلة تقي كل شخص يمارس علية العنف سواء عنف جسدي أو عنف اقتصادي أو نفسي وكذلك العنف الجنسي ...
وقد نص المشرع البحريني على التعامل بكل سرية مع حالات العنف لما لها من خصوصية في التعامل مع أطرافها فتم توفير نيابة مختصة في التعامل مع هذه الحالات والتي أنشأت بموجب قانون رقم ( 17 ) لسنة 2015 نيابة للأسرة للتعامل مع حالات العنف الأسري بوجود عنصر نسائي للتعامل مع هذا النوع من القضايا و من تدابير الحماية من العنف الأسري تعمل وزارة التنمية الاجتماعية على تقديم خدماتها من خلال توفير مكاتب للإرشاد الأسري في جميع محافظات المملكة وتوعية الرأي العام بخطورة آثار العنف الأسري وكذلك توفير دور الإيواء اللازمة لإيواء المعتدى عليه في جرائم العنف الأسري وتوفير المساعدة القانونية للمعتدى علية حين الحاجة .
وكذلك نص قانون العنف الأسري على أنه يجوز للنيابة العامة إصدار أمر الحماية من تلقاء نفسها أو بناء على طلب المعتدى عليه ويلزم المعتدى بعدم التعرض للمعتدى عليه وكذلك عدم الاقتراب من أماكن الحماية وعدم الإضرار بالممتلكات الشخصية للمعتدى عليه أو أي من أفراد الأسرة