أكدت الروائية الجزائرية، عائشة بنور، أنها حاولت تجسيد واقع المرأة العربية والفلسطينية التي تعاني من واقع مؤلم وفظيع، وهي تئن تحت وطأة الحروب والشتات والتهجير، وتعاني من الاضطهاد والتشرد والجوع، في رواية كاملة وبعنوان صادم وهو "نساء في الجحيم"..مشيرة إلى طرحها رواية أخرى بعنوان "اعترافات امرأة" وكلاهما في المعرض الدولي للكتاب في القاهرة.
وأضافت عائشة بنور في حديث لـ"لايف ستايل" أن رواية "نساء في الجحيم" تعد رواية مفتوحة على الوجع العربي في محاولة منها لايصال صوتها المبحوح الذي يرفض هذا الدمار الكاسح للمدن ولذاتها ولأبنائها ولموروثها الثقافي، وحاولت أن تقاسمها وجعها ومعاناتها، لكي يستيقظ الضمير العربي و يعي الفرد العربي أن هذا التحول الرهيب في خريطة العالم العربي يدفع ثمنه الطفل والمرأة.
وذكرت الروائية الجزائرية الكبيرة، أنها لم تختر الكتابة عن المرأة بل الواقع المر هو الذي يفرض ذلك، مشيرة إلى أنها المرأة في نصوصها الإبداعية تتجلى صورتها داخل النص كشخصية محورية تتحرك وتنمو وتتفاعل وتعترف وتُنْكِر وتتعرى وتنتفض أحياناً بوجهات نظر مختلفة وبخصائص وأمزجة قادرة على تحريك النص الأدبي من الإيجاب إلى السلب والعكس.
ووصفت الروائية الجزائرية، رواية " نساء في الجحيم " بشلاّل متدفق من شجون الذكريات على الوجع العربي، وتخاطب العقل والوجدان الإنساني، حكاية الحب والنضال للمرأة والقضية الفلسطينية، ورسمت الرواية صورة الشخصية الفدائية، المناضلة، المقاومة للاضطهاد بكل أنواعه من خلال الشخصية المحورية في النص (غسان كنفاني) والذي تحاكي من خلاله العاشقة غادة الحب والنضال والتهجير والموت عبر مدن الترحال. إذ تختزل رواية نساء في الجحيم واقع المرأة الفلسطينية ومسيرتها النضالية عبر التاريخ وتشبثها بالأرض رغم التهجير والقمع.
وتتحدّث الرواية عن مجاهدات الثورة التحريريّة الجزائريّة إبان الاستعمار الفرنسي، القابضات على روح الألم بقوّة أمثال البطلة جميلة بوحيرد وزهور زيراري ومريم بوعتورة وهن يذرفن داء الحريّة بغزارة على أسلاك التعذيب بالكهرباء والسجن، والأحداث جاءت على لسان بطلة الرواية "أيلول" ساردة وقائع مؤلمة عن الحرب والدمار الذي لحق بمدينتها (عكّا) إذ تفتح جراح الماضي عن حرب الثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي وتسترجعها كذاكرة مثقلة بهموم الحرب ومخلفاتها، ثم تسقط ذلك الواقع المر على الواقع الفلسطيني حاليا ليكون صورة ودلالة كبيرة على مبلغ الشقاء والبؤس الذي وصل إليه الوضع في فلسطين وما تعانيه المرأة الفلسطينية خاصة، وما يعانيه أهلها من قساوة ظروف الحياة وقساوة الاحتلال من خلال سرد ذكريات مجموعة من الفلسطينيات ومنهن الأسيرات وأطفالهن في السجون.
وتتمحور أحداث الرواية حول نضال الشهيد غسان كنفاني قبل اغتياله وهو الشخصية المحورية والذي تروي من خلاله العاشقة (غادة) حكايات الحب والنضال والتهجير والموت عبر مدن الترحال، إضافة إلى ذكريات أخرى وأحـداث مروية على لسان أبطال آخرين مثل ( محمود درويش، دلال المغربي،غــادة، أيلول، يافا ...) . وهكذا تنتقل الرواية من فضاء إلى آخر على ألسنة نساء تعتصرهن فواجع الواقع المزري والمعاناة اليومية في الحرب، بين الخيال والواقع عبر الأمكنة لمدن فلسطينية وغيرها من عكّا إلى بيروت إلى دمشق إلى غرناطة إلى الجزائر.. بالإضافة إلى توظيف التراث العربي وخاصة الفلسطيني والفنون والآداب المختلفة، لتتجلى حكاية العشق والنضال الوطني وعمق الوعى النضالي، و دور المرأة المحوري في الأعمال التحررية. إذ يحضر في الرواية الشعراء ( نزار قبّاني / محمود درويش / المتنبي / فدوى طوقان / لسان الدّين بن الخطيب )، ويحضر كذلك الفنّ كالرّسم التشكيلي مثل لوحة الطّفل الباكي لجيوفاني براغولين الإيطالي، ويحضر التراث الشعبي ( الموّال الفلسطيني )، ويحضر التاريخ ( النّكبة 1948 م / سقوط غرناطة 1442 م / صلاح الدّين الأيوبي، الحجاج بن يوسف الثقفي/ كريستوف كولومبوس ومارتن بنزون ) وتسجّل الأسطورة حضورها هي الأخرى( قصّة بوكاشيو الإيطالي / طائر الرّخ في ألف ليلة وليلة..)، ويحضر الكتّاب والمبدعون كأنهم شخوص حيّة تشارك في أحداث الرّواية وتصنع مشاهدها ( غسان كنفاني / غادة السّمان / ألبير كامو / ناجي العلي، لوركا..). وتصل الأحداث إلى ذروتها في تصوير أزمة الإنسان المعاصر والتي يعيشها بين الأنا والآخر والصراع النفسي الداخلي الذي يتخبط فيه، صراع الأنا مع الذات ومع الآخر وما ينجر عنهما من تناقضات على مستوى الفكر والهوية والمصير. لتنتهي الرواية في نهاية المطاف إلى إبراز القيمة الإنسانية للحب والنضال من خلال آخر رسالة مرثية كتبتها (غادة) العاشقة من أجل الحب والنضال والسلام كمعالم لتحرير الإنسان من الأطر الفكرية التي تقيّــده.
وأشارت عائشة بمور إلى أن الرواية الثانية تحمل عنوان " اعترافات امرأة " تلك الرواية نالت جائزة الاستحقاق الأدبي (2007) عن جائزة نعمان الأدبية بلبنان وصدرت عن منشورات دار الحبـر (2007) ثم عن منشورات دار الحضارة (الجزائر) (2015) وترجمت إلى اللغة الفرنسية من طرف الأديب محمد سحابة.
وذكرت أن اعترافات امرأة صورة لواقع المرأة العربية وصفحات من النضال في مجتمع يمارس سلطة القهر والمتعة.. اعترافات امرأة بوح أنثوي يثير الكثير من القضايا المسكوت عنها يمزقها أحيانا وأحيانا أخرى يعريها حد الرفض..الرواية جاءت في صور متعددة لأقنعة رأتها الكاتبة صور من الزيف وتنكر وقهر للذات من خلال صورة المرأة في الآخر من غير أن تكون المرأة هي المرأة وإنما صورة لغير ذاتها… الخ.
وقدم للرواية الروائي المصـري موسى نجيب موسى بكلمة في عنوان “تشظي الذات ولعبة الضمائر في رواية عائشة بنت المعمورة “اعترافات امرأة”… وعلى غلاف الرواية قراءات أخرى متنوعة ومختلفة لنقاد تنالوا الرواية في العديد من دراساتهم منهم د: فـريدة مغتات، حسين بوحسون، بوشعيب الساوري، عبد القادر كعبان.
نبذة مختصرة عن الروائية عائشة بنور
ـ تكتب القصة القصيرة والرواية منــذ نهاية الثمانينات من القرن الماضي، مارست الكتابة الصحفية في العديد من الجرائـد والمجلات الوطنية و العربية وأسهمت بمقالات ودراسات حول قضايا المرأة والطفل..( الرافد، مجلة أنوثة، مجلة المعلم، الموعد الجزائري...)- ـ نشرت العديد من قصصها عبر الصحف الوطنية والعربية والمواقع الالكترونية
ـ عضو رابطة ابداع الثقافية.
ـ شاركت في العديد من الملتقيات الأدبية (الملتقى الوطني للأدب بسعيدة مارس 1991، الملتقى الثالث للأدب بمليانة1991 .... الملتقى الأول للأدب والسياحة بحمام ملوان 2000...)
ـ ساهمت في العديد من المؤلفات منها ( موسوعة العلماء و الأدباء الجزائريين، موسوعة الأمثال الشعبية ..الخ
الاصدارات الأدبية:
ـ نساء يعتنقن الإسلام (دراسة) نشر دار الحضارة 1996.
ـ الموؤودة تسأل.. فمن يجيب؟ (مجموعة قصصية) دار الحضارة
ـ مخالب (مجموعة قصصية) نشر جمعية المرأة في اتصال 2004.
ـ قراءات سيكولوجية في روايات وقصص عربية (الطبعة الأولى عن دار الحضارة 2004 والطبعة الثانية عن دار الحبــر2007.
ـ السوط والصدى (رواية) نشر وزارة الثقافة 2006.
ـ اعترافات امرأة (رواية) 2007 طبعة خاصة في إطار تظاهرة الجزائر عاصمة الثقافة العربية، نشر دار الحبر.
ـ سقوط فارس الأحلام (رواية) 2009 دار نورشاد (الجزائر، ط1)، (ط 2 ) عن منشورات نيبور العــراق 2015.
ـ اعترافات امرأة (رواية)، الطبعة الثانية عن منشورات الحضارة، وترجمها إلى الفرنسية الأستاذ محمد سحابة بعنوان confession d’une femme (Roman) وصدرت عن دار الحضارة 2015.
ـ قصة أبو راس الناصري (للفتيان).
ـ سلسلة حكايات جزائرية رفقة الأديب رابح خدوسي: (الشيخ ذياب ـ لونجـا ـ بقرة اليتامى ـ بنت السلطان ـ الأميرة السجينة ـ الفرسان السبعة ) عن دار الحضارة،
وعن اتحاد الكتاب العرب بدمشق مجتمعة تحت عنوان بقرة اليتامى وقصص أخرى 2001، كما ترجمت إلى الفرنسية Algériens Contes وصدرت بباريس عن دار النشر Edilivre 2015.
ونالت الجوائز الآتية:
- جائزة الكاتب الناشئ (قصة السفينة) لجريدة الجمهورية الأسبوعية 1993
ــ جائزة مديرية الثقافة للقصة القصيرة ببومرداس 2003
- الجائزة الأولى في المسابقة القصصية للموقع الالكتروني مجلة أقلام الثقافية سنة 2006 عن قصتها أنين عاشقة
- جائزة " فوروم" نساء البحر الأبيض المتوسط بمرسليا ـ فرنسا ـ 2002م عن قصتها عذرية وطن كسيح و ترجمت إلى اللغة الفرنسيـة.
ــ جائزة الاستحقاق الأدبي عن روايتها اعترافات امرأة، دار نعمان الأدبية بلبنان 2007.
ــ جائزة في مسابقة القصة مجلة الابداع العربي، 2015 عن قصتها زهـــور زيراري.. الشاعـــرة السجينة.
ــ جائزة مسابقة منتدى المثقفي في أمريكا وكندا عن قصتها الفتى العكّاوي 2016