تبدأ الأفلام المصرية بموسيقى رقيقة، تتردّد في خلفية المشهد، بينما يندفع البطل في اتجاه البطلة بحركة تصوير بطيئة، وكل منهما ينادي الآخر حتى يلتقيا، ويتعانقا، هذا هو المشهد الرومانسي، الذي تربّت عليه الأجيال القديمة، حتى ارتبطت الأفلام الرومانسية في المخيلة بالموسيقى الرقيقة، وجري الحبيبين على شاطئ البحر، أو في حديقة، والنداءات التي تتردّد بصوت يعبر الشاشة ليستقر في قلوب المشاهدين، كما ارتبطت تلك الأفلام بموت أحد الحبيبين، ليظل الآخر وحيدًا وفيًا حتى آخر العمر، وتكرّرت هذه النهاية على مر عقود كثيرة، حتى صارت أشبه بقانون حتمي للأفلام الرومانسية.
واعتبر الناقد السينمائي، طارق الشناوي، أنّ هذا الاختلاف في التناول الدرامي لقصص الحب، يرجع إلى تطورات كل عصر، ويتلاءم مع الجمهور المتلقي، ورأى أن السينما، وإن كانت في حالة انحدار، فذلك بسبب تدخّل الإنتاج في النص المكتوب وتوجيهه، وأعطى مثالاً على السبكي، وهو أكبر منتج في السينما المصرية حالياً، معتبرًا أنه "يتحكّم في العمل الفني حسب أفكاره ومعتقداته الشخصية، وليس حسب السياق الاجتماعي المصري".
ويرى الناقد السينمائي كمال القاضي أن الإنسان بطبيعته يحنّ إلى الماضي، لأنه لا يتذكّر منه إلا ما هو جميل، مضيفًا أنّه "لو ألقينا الضوء على بعض الأفلام القديمة، لوجدنا أن فيها قدراً من السذاجة في طريقة التناول والأداء التمثيلي"، وعرفت السينما المصرية عدداً لا بأس به من الأفلام الجميلة والمهمة، ومنها فيلم "الحرام" و"الزوجة الثانية" و"ثرثرة فوق النيل" و"دعاء الكروان" و"شباب امرأة"، ولا بد ان نشير إلى أن الفارق المهم في المستوى التقني بين أفلام الأمس وأفلام اليوم، هو حتمي بحكم التطور الطبيعي في كاميرات التصوير، ومعامل التحميض، وتقنيات الإضاءة والديكور، وهي فوارق لمصلحة الفيلم الحديث بلا شك، فضلاً عن أن طريقة أداء الممثل الآن أكثر تلقائية وإقناعاً، بحكم وجود معاهد فنية متخصصة، وخبرات متراكمة لدى الممثل تم الحصول عليها من روافد متعددة، وهذا واضح من نوعية الأفلام التي قدمت، ومنها فيلم "الفيل الأزرق"، "هيبتا"، "اشتباك"، "لف ودوران"، "قبل زحمة الصيف"، "فتاة المصنع"، و"نوارة"، وغيرها
.وبيّن الناقد السينمائي، أشرف بيدس، أن بداية الرومانسية تترسّخ في أذهان الناس مع أبطال سينما الأبيض والأسود، الذين ضفروا حياتنا بالحلم، ونسجوا قصصهم الجميلة في ذاكرتنا، مشيرًا إلى أنّه "تلقينا منهم أول دروس العشق، وتحلقنا حولهم، وارتبطنا بهم حتى كدنا نصدق أنهم خارج السياق الذي نعيشه. وتمنينا جميعاً أن يملك أحباؤنا بعضاً من ملامحهم".
واتسمت السينما المصرية بظاهرة الثنائيات الفنية وظلّت كذلك حتى أوائل الثمانينيات، وإذا كانت هذه الثنائيات حقّقت شهرة واسعة لأبطالها، نتيجة ارتباط الجماهير بها، فإن الكثير من هذه الثنائيات راجت حولها شائعات، فظن البعض أن نجاح أبطالها وبطلاتها كان تبريراً لوجود علاقات عاطفية فيما بينهم، وحالات زواج، ويأتي على رأس هذه الثنائيات حسين صدقي وليلي مراد، عماد حمدي ومديحة يسري، كمال الشناوي وشادية، فاتن حمامة وعمر الشريف، عبد الحليم حافظ ونادية لطفي، سعاد حسني وحسن يوسف، ثم جاء محمود ياسين ونجلاء فتحي، ونور الشريف وبوسي، وحسين فهمي وميرفت أمين، ثم تبعهما عادل إمام ويسرا، ليلي علوي ومحمود حميدة، ومن الجيل الشاب ظهر أحمد السقا بصحبة منى زكي في أكثر من فيلم، لكن هذه الثنائيات كانت لها استثناءات، فمثلاً رشدي أباظة وشكري سرحان وأحمد زكي يمثلون حالات إبداعية متوهّجة لا تشترط وجود عنصر نسائي من النجمات المشهورات، وجودهم يكفي لما يملكونه من كاريزما وشهرة وقبول جماهيري منقطع النظير، أيضاً كانت هناك بعض الفنانات اللواتي مثلن استثناء من هذه القاعدة، مثل فاتن حمامة وهند رستم وشادية وسعاد حسني، فوجودهن أيضاً كان عامل جذب جماهيري، من دون التعويل على النجم الذي يقف أمامهن.