في التصميم التقليدي، كان المطبخ يختصر بأنه منطقة خدمية مهداة للطهي حصراً، فلم يستخدم بتاتاً لالتقاء أفراد الأسرة ببعضهم البعض، كما لم يدخل الضيوف الحيز المذكور الذي كان خاصّاً بربة المنزل.يرجع إلى المعماري فرانك لويد رايت ومهندسين تقدميين آخرين فكرة تصميم المنزل بصورة تؤدى بمنطقة المعيشة فيه، وظائف الأكل والجلوس، وتبدو المدفأة نقطة مركزية. وفي الأعوام التالية للحرب العالمية الثانية، بدأ «المخطط المفتوح» يشق طريقه إلى عالم التصميم الداخلي في الغرب، رغبة في جعل الجلسات المنزلية غير رسمية، كما السماح بمراقبة الأطفال أثناء إعداد الوجبة والتنظيف. وشيئاً فشيئاً، توسع المفهوم، لتصبح طاولة الطعام مكان أداء الأطفال من التلامذة واجباتهم المدرسية، فيما الأم تراقبهم أثناء أداء مهام المنزل.
في خمسينيات القرن الماضي، شاع مفهوم «المخطط المفتوح»، وأصبح المطبخ مركزاً للنشاط الاجتماعي. وفي تسعينيات القرن الماضي، أصبح «المخطط المفتوح» هو «القاعدة» في المشاريع السكنية. لكن، في الآونة الأخيرة، ومع رواج الخصوصية الفردية، ووسائل الترفيه الفردية، ابتعد المصممون وأصحاب المنازل في الغرب عن «المخطط المفتوح»، فيما تبدو مشاريع السكن في المنطقة العربية تنحو أكثر فأكثر نحو هذا الشكل في التصميم.
«مستر كيتشن»
المصمم سعود الفقير، وهو سوري الجنسية، مقيم في القاهرة منذ عشرة أعوام، يُطلق على نفسه اسم «مستر كيتشن»، على وسائل التواصل، وهو يستفيض في الشروح للمتابعين الذين يربو عددهم على 32 ألفاً، عن كيفية تجهيز مطابخهم وفق الأساليب الحديثة، من دون الإغفال عن أي تفصيل.
«مساحة تشاركية»
يعتقد المصمم أن المطبخ هو «مساحة تشاركية للأفراد الذي يقطنون المنزل»، لذا هو يؤيد اتجاه «المطبخ المفتوح»، في التصميم، قائلاً لـ «سيدتي» إنه «ولت الأيام التي كان المطبخ فيها مساحة خاصة بالمرأة؛ إذ يفرض «اللايف ستايل» المعاصر أن يتحول المطبخ إلى حيز لكل أفراد العائلة، وجزء من مساحات المنزل الأخرى»، مضيفاً أنه «إذا دخل أحد المطبخ لأداء أي عمل، هو لا يغيب عن الآخرين، بل يظل برفقتهم، خصوصاً أثناء التجهيز للولائم، حينما يطهى الطعام، بحضور أفراد المنزل والضيوف، ما يحقق تجربة أكثر متعة، وفيها تآنس، بصورة تتجاوز «المطبخ المقفل» الذي يدخله الطاهي(ة) وحيداً، وينعزل عن أفراد المنزل الباقين، أثناء أي لمة في المنزل. ومعلوم أن اللمة مرتبطة بالأكل».
نقاط في التصميم
عن كيفية تصميم «المطبخ المفتوح»، يوضح المصمم للقراء النقاط الآتية:
الأرضيات والجدران: من المهم التفكير في التكوين السطحي لكل من الأرضيات والجدران وخزائن المطبخ و«الكونترتوب»، بصورة تنسجم هذه العناصر مع بعضها البعض، لناحيتي المواد والألوان. عن الأرضيات، يشرح الفقير أن «البورسلين (أو السيراميك) اللماع يستخدم في تكسيتها، لأن كل خامة مذكورة سهلة التنظيف»، وعن الجدران، هو يوضح أن «السيراميك لم يعد يغطي كل مساحة هذه الأسطح، لسببين: الأول هو التوفير في الميزانية، والثاني هو جعل الجدران حاضرة في تصميم المطبخ، مع باقي العناصر، كما أسلفنا». لذا، تدهن الجدران، في المناطق البعيدة عن أداء مهام الطهي، بدهانات حديثة، سهلة التنظيف، ولا تسمح بجعل الرواسب تعلق عليها. أمّا في «منطقة الطهي» حيث حوض الجلي و«البوتاجاز»، وتحديداً في «الباكسبلاش» أي على الجدار الفاصل بين الخزائن العلوية والسفلية، فقد تحل المادة عينها المستخدمة في تكسية الأرضيات أو «الكونترتوب». في الحالة الأخيرة أي عند تكسية «الكونترتوب» و«الباكسبلاش» بالكوارتز مثلاً، سيكون التصميم النهائي في المحصلة، موحداً ومميزاً.
خزائن المطبخ: قد تتلون بالأبيض أو الأسود أو البيج أو الرمادي، سواء كان التدرج اللوني فاتحاً أو داكناً، علماً أن الألوان المذكورة توحي بأن المساحة في العموم، أنيقة ومرتبة ونظيفة، وتتفق مع «اللايف ستايل» المعاصر الذي تخلو المساحات الداخلية فيه من أي عيب وتبدو مريحة. تصنع خزائن المطبخ من الأخشاب المصنعة ذات الخصائص العازلة. وهناك الخزائن ذات الملمس الصخري (الرخام، مثلاً، أو الحجر)، المرغوبة أخيراً، لأنها تجعل مستخدمي المطبخ يشعرون بحضور الطبيعة في مساحتهم. غالبية الخزائن مغلقة، وتشغل جزءاً كبيراً من المطبخ، وحتى تلامس السقف، وتستوعب كل الحاجيات، بالاتساق مع النحو الكبير إلى الاستهلاك. وهناك جزء من الخزائن، مفتوح، يدل على شخصيات ساكني المنزل من خلال المحتويات، التي قد تكون تذكارات أو مقتنيات تعني لهم الكثير، وهم يحبون أن يحيطوا أنفسهم بها، ما يؤثر في طريقة استخدام المطبخ.
«الكونترتوب»: هو لماع وكثير المزايا، ومكسو بالكوارتز أي بالمادة الصناعية ذات الصلابة و«المقاومة» لتسرب السوائل إلى داخلها وللخدوش، وليس بالرخام كما كان الأمر عليه من قبل، وذلك لأن الرخام مادة طبيعية ضعيفة وذات مسام، ما يجعها تمتص السوائل ولا تسهل أمر نزع البقع عنها. هيئة الكوارتز تشابه الرخام، وكذا الأمر في شأن ألوان المادة الصناعية التي تشيع الفخامة على غرار الرخام، من دون أن تحمل سيئاته. الكوارتز عملي في الاستخدام وذو عمر افتراضي أطول مقارنة بالرخام. من جهة ثانية، لا يزال الخشب المعالج، بصورة تضاد الخدوش والبقع، مستخدماً في تصميم «الكونترتوب»، فالمادة تحقق للمستخدم إحساساً بالدفء، لكن حضور الخشب رهن بطراز المطبخ، لا سيما ذلك الريفي أو القريب من جو الكوخ.
أدوات المطبخ الكهربائية: هي مدمجة بالتصميم، الأمر الذي يوفر من المساحة التي تشغلها في الحيز، ويحافظ على المطبخ مرتباً، ويسهل الاستخدام. أما خامات الأدوات وألوانها محددة من الصانعين، ما يدفع إلى شرائها بصورة تنسجم مع التصميم العام.
«الجزيرة»: قد لا تسمح مساحة المطبخ بحضورها، ولو أنها مهمة، لا سيما في المطبخ المفتوح وذلك الفسيح، وهي تتألف من جزئين: جزء علوي عبارة عن سطح للعمل كبير، يستخدم خصوصاً في تحضير الطعام وعجن المخبوزات، ويسمح بجعل الأفراد يتشاركون في تحضير الطعام، لا سيما الأطفال مع الأم أو الأب. الجزء الثاني التحتي عبارة عن منطقة للتخزين سهلة الوصول إلى كل المكونات التي يحتاج الطاهي أو الطهاة إليها. يفضل أن يشتمل تصميم «الجزيرة» على مكان للجلوس أثناء تناول الفطور الصباحي أو شرب أي مشروب ومحادثة من يعدّ الطعام.
الإنارة: حسن توزيع وحدات الإنارة الليلية أساس لخلق جو مميز، مريح ودافئ. في المطبخ تحديداً، لا يجب الإغفال عنها، وعن إنارة المهام التي يجب أن تكون موجهة إلى نقاط محددة، وقوية، فهي تركب أسفل الخزائن العلوية بصورة تنير «الكونترتوب» وفي السقف وحتى داخل الخزائن. وهناك أيضاً الإنارة النازلة في منطقة «الجزيرة» أو «البار» أي المنطقة المستخدمة في الجلوس، بالمطبخ.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
دليل التنظيف العميق للمطبخ وإزالة بقع الدهون
أبرز النصائح لاختيار ديكور سقف المطبخ المثالي نظرًا للحرارة المرتفعة