عثرت البعثة الأميركية التي تنقب حاليًا في مدينة أور الأثرية في محافظة ذي قار على مدرسة داخل حي سكني ، وفيها رقم طينية بالخط المسماري واللغة السومرية تشكل منهجًا مدرسيًا مخصصًا لتعليم الأطفال وأخرى على شكل واجبات بيتية للطلبة.
وقال منسق البعثات الأثارية الأجنبية في العراق عبد الامير الحمدأني ، إن اللافت للنظر أن المدرسة كأنت مستقلة في طرف مدينة أور من الجهة الشرقية ، ويبدو أن الأهالي كانوا يذهبون بأولادهم إلى المدرسة وينتظرون عودتهم منها تمامًا ، كما يحصل اليوم ، فضلًا عن وجود مناهج خاصة لتعليم الكبار ، مبينًا أن الأثار التي تم العثور عليها كافة تعود إلى القرن الثامن عشر قبل الميلاد وتحديدًا إلى حقبة "اسي لارسا" من العام 1800 إلى 1600 قبل الميلاد وهي مرحلة ما قبل حمورابي.
وفي غضون ذلك وجه محافظ ذي قار ، يحيى محمد باقر الناصري ، في وقت سابق دعوة إلى علماء الاثار وفرق وبعثات التنقيب الدولية للتنقيب في 1200 موقع أثري في المحافظة تعود لحقب تاريخية مهمة، مشيرًا إلى التنقيب عن الاثار أبلغ رد على تنظيم "داعش" الذي دمر مواقع أثرية في شمال البلاد.
وأشار الناصري خلال توجيهه دعوة رسمية إلى بعثة التنقيب الدولية في جامعة مانشستر البريطأنية لاستئناف العمل في تل خيبر الأثري ، إلى أن العراق يرحب بقوى الإبداع والفكر من علماء وباحثين ومنقبين أثاريين ليسهموا بالكشف عن الكنوز الحضارية والمعرفية والتاريخية في مواقعه الأثارية ومن بينهم الفريق الأثاري في جامعة مانشستر الذي عمل في تل خيبر الأثري في المواسم السابقة.
وأضاف محافظ ذي قار "إني بإسم الحكومة المحلية في محافظة ذي قار التي تضم أكثر من 1200 موقع أثري أدعو الباحثين وعلماء الاثار للقدوم والعمل في أرض ذي قار أرض السومريين الأوائل ، والحرب التي يخوضها الجيش العراقي والقوات الأمنية وتشكيلات الحشد الشعبي ضد تنظيمات داعش الذي انتهك قيم الحياة واستهدف الإرث الإنسأني في الحضارة العراقية هي حرب الخيرين في العالم من أجل الدفاع عن قيم الخير والجمال والتسامح والعقل المتنور".
وأكد محافظ ذي قار أن رغم محاولات التطرف التي تستهدف معالم التحضر فهو سائر نحو الحوار والتعددية الثقافية ، ويذكر أن عمليات التنقيب التي أنطلقت منذ مطلع القرن الماضي في محافظة ذي قار لم تشمل حتى الأن سوى 1% من إجمالي المواقع الأثرية في محافظة ذي قار ، فمن أصل 1200 موقعأاثري لم ينقب إلا في 15 موقعًا أثريًا فقط.
وتعد البعثة التنقيبية البريطانية بقيادة عالمة الأثار من جامعة مأنشستر جين مون، ثالث بعثة تنقيبية دولية ، تنقب في الناصرية بعد توقف أعمال التنقيب منذ عام 1990، إذ باشرت البعثة بالتنقيب عام 2013 في موقع تل خيبر الأثري الذي يعود إلى عصر فجر السلالات ويقع بالقرب من ناحية البطحاء "40 كم غرب الناصرية".
ورجح فريق البعثة التنقيبية البريطانية الذي يعمل في موقع تل خيبر القريب من مدينة أور الأثرية ، عثورهم على المجمع الإداري لعاصمة الامبراطورية البابلية، ومدرسة يعود تاريخها إلى 1500 سنة قبل الميلاد، وفي حين بينوا أنهم أودعوا 300 قطعة أثرية جديدة في المتحف العراقي، وأقاموا معرضًا مؤقتًا لها في بغداد، مؤكدين أن عملهم يساعد على عدم "محو" التاريخ العريق للحضارة الرافدينية كما يحاول "داعش".
وتضم محافظة ذي قار أكثر من 1200 موقع آثري يعود معظمها إلى عصر فجر السلالات والحضارات السومرية والأكدية والبابلية والأخمينية والفرثية والساسأنية والعصر الإسلامي ، وتعد من أغنى المدن العراقية في المواقع الآثارية المهمة، إذ تضم بيت النبي إبراهيم وزقورة أور التاريخية، فضلًا عن المقبرة الملكية، وقصر شولكي ومعبد دب لال ماخ ، الذي يعد أقدم محكمة في التاريخ ، كما تعمل في محافظة ذي قار بعثة إيطالية في تل أبو طبيرة "8 كم جنوب الناصرية" ، فيما عملت بعثة أميركية من جامعة نيويورك بقيادة الدكتورة أليزابيث ستون نهاية عام 2011 بالتنقيب في محيط مدينة أور التاريخية " 18 كم جنوب غرب الناصرية".
في حين وافقت وزارة السياحة والأثار على عمل بعثة تنقيب إيطالية أخرى في موقع تل زرغل في مدينة الناصرية ، كما تقدم فريق إيطالي أخر بطلب إلى وزارة السياحة والاثار للتنقيب في مدينة أريدو الأثرية ، ضمن برنامج يمتد لخمسة أعوام ، كما تنتظر المحافظة حسم الموافقات الرسمية ، لتقدم التسهيلات للبعثة التنقيبية الإيطالية ، فيما قامت فرق تنقيب محلية بالتنقيب في عدد محدود من المواقع الأثرية في محافظة ذي قار.