أثار إعلان وزارة الآثار عن نيتها افتتاح المتحف المصرى الكبير بشكل جزئى مع نهاية العام الجارى جدلا كبيرا فى الأوساط الأثرية والثقافية بين مؤيد ومعارض، وبينما يرى المعارضون أن الافتتاح الجزئى خطأ وسيقلل من قيمة المتحف، أكد الدكتور خالد العنانى وزير الآثار، أنه ينفذ برنامج الحكومة.
فاروق حسنى، وزير الثقافة الأسبق، بصفته صاحب فكرة المشروع،قال: «الافتتاح الجزئى سيضيع قيمة المشروع وفكرة أكبر متاحف العالم، يمكن عمل افتتاح جزئى فى متحف الحضارة، أما المتحف الكبير فيجب الانتظار حتى الانتهاء منه وافتتاحه فى حفل كبير».
وطالب الفنان فاروق حسنى، الرئيس عبدالفتاح السيسى، بزيارة مشروع المتحف المصرى الكبير، مشيرا إلى أن هذه الزيارة ستعطى دفعة للمشروع وتشكل دعاية عالمية للمتحف الذى اعتبره حسنى بوابة الخلاص للسياحة المصرية.
وقال «حسنى»: إن «المتحف سيعتبر الخلاص للسياحة المصرية، ويشكل هو والأهرامات البوابة العظمى لإظهار طبيعة الآثار المصرية»، مشيرا إلى أن «متحف الحضارة لا يقل أهمية عن المتحف الكبير»، ومقترحا تحويل المتحف المصرى فى التحرير إلى «مركز دولى لعلم المصريات». وأضاف أن فلسفة إنشاء المتحف الكبير تعتمد على «إعادة صياغة عرض الآثار بشكل علمى وفنى»، لافتا إلى أن أهم جزء من المشروع هو المخازن ومعامل الترميم التى تم افتتاحها عام 2010، ويشكل نحو ثلثى المشروع.
وأوضح أن فكرة المشروع كانت تعتمد على وضع 100 ألف قطعة فى متحف يعتبر من أكبر متاحف العالم، وتم اختيار 100 ألف قطعة للعرض فى المتحف، ونقل تمثال رمسيس ليكون فى البهو الرئيسى للمتحف، وإعداد مشروع لنقل مراكب الشمس للعرض داخل المتحف.
وأكد «حسنى» ضرورة البدء من الآن فى إعداد فريق من المرممين والأثريين وأمناء المتاحف للعمل فى هذا المتحف، والتحضير لحفل افتتاح كبير يحضره ملوك ورؤساء العالم، والبحث عن شركة عالمية لإدارة المتحف، مشددا على أن إدارة هذا المتحف يجب أن تتم من خلال شركة عالمية، لديها خبرة فى إدارة هذا النوع من المتاحف حتى تحافظ عليه، وتضع برنامجا سنويا للمعارض وتعمل على تسويق المتحف، وإدارة المطاعم والمحال فى المتحف، مشيرا إلى إمكانية تعيين مدير مصرى يعمل إلى جانب هذه الشركة.
وقال «حسنى» إن المتحف الكبير مشروع رهيب، ويجب أن يتم إعداد برنامج زيارة للمتحف يشمل معه منطقة الأهرامات، وإعداد طرق ومحاور مرورية تسهل على السائح زيارة الهرم والمتحف معا، من خلال أتوبيسات سياحية تتحرك من التحرير مثلا وتتوجه للأهرامات والمتحف الكبير، مشيرا إلى أن مترو الأنفاق عندما يتم إنجازه سيسهل الوصول للمتحف. واقترح نقل تمثال ميريت آمون من سوهاج إلى المتحف الكبير، وكذلك نقل تمثال لرمسيس من ميت رهينة.
وعن مجلس الأمناء، أكد فاروق حسنى أن المجلس يجب أن يضم نخبة من الفنانين والأثريين ومن لديهم خيال وقدرة على إدارة مشروع بهذا الحجم، ومن لديهم إدراك لعظمة الفن المصرى القديم، فالمتحف سيضم أعمالا فنية رائعة، فالآثار ليست مجرد تماثيل تاريخية، بل هى أعمال فنية قيمة أصبحت أثرا بمرور الزمن.
من جانبه، قال الدكتور زاهى حواس، وزير الآثار الأسبق، إن «المتحف يعتبر أهم مشروع ثقافى فى القرن الواحد والعشرين، ولذلك كنت سعيدا أن الدولة قررت أن يكون ذا طبيعة خاصة، وأصدرت قرارا بتشكيل مجلس أمناء»، معربا عن أمله فى أن يكون مجلس الأمناء من رجال الأعمال القادرين على جلب تمويل للمتحف.
وأوضح «حواس» أن تمويل المتحف يجب أن يكون من الخارج، مقترحا أن تطلب مصر من خلال معارض آثارها فى الخارج دعم المتحف الكبير، مقابل وضع أسماء المانحين فى خرطوش على جدار المتحف.
ودعا «حواس» إلى الدعاية للمتحف لوضعه على القوائم العالمية، مشيرا إلى أنه حتى الآن لم نستطع تعريف العالم بالمتحف الكبير، ويجب استغلال معارض الآثار فى الخارج للتعريف بالمتحف الكبير.
وأكد ضرورة العمل من الآن على اختيار 100 أثرى عبر مسابقة كبيرة، وإرسالهم فى بعثات للمتاحف العالمية للتدريب على أمانة المتحف، وقال: «ليس لدينا فى مصر من نستطيع أن نطلق عليه أمين متحف أثرى قادر على توثيق الآثار وعمل بحوث وإعداد قواعد بيانات عن الآثار الموجودة بالمتحف والحديث عن المتحف أمام العالم».
وأوضح «حواس» أن خطة إنشاء المتحف كانت تعتمد على أن يضم كنوز الفراعنة، ومن بينها آثار توت عنخ آمون، وعددها 4500 قطعة، وآثار يويا وتويا، ومجوهرات الدولة الوسطى، وآثار الأسرة 21 و22، ومركبا خوفو، ويجب ألا يضم المتحف أى قطع لا ينطبع عليها كلمة كنوز، مع ضرورة وجود «سينما آى ماكس» لعرض أفلام عن الحضارة المصرية القديمة. وأشار إلى أن الفكرة كانت أن المتحف الكبير مخصص للكنوز، ومتحف الحضارة البطل فيه القصة، والمتحف المصرى بالتحرير يحكى تاريخ الفن على مر العصور، يحكى قصة الكشف مع تمثال منه.
وأكد «حواس» أن «الافتتاح الجزئى خطأ»، وقال: «المتحف الكبير أهم مشروع ثقافى فى العالم»، متسائلا: «كيف سيزور السائح ويستمتع بآثار توت عنخ آمون فى المتحف وبجانبه أعمال إنشاء، إضافة إلى عدم إعداد طرق مواصلات تؤدى للمتحف وعدم انتهاء مشروع المترو؟!».
واقترح تأجيل الافتتاح ليتم فى 4 نوفمبر عام 2022 بعد الانتهاء من المتحف بشكل كامل كأعظم إنجاز فى التاريخ، وتتم دعوة ملوك ورؤساء العالم فى حفل كبير بمناسبة افتتاح المتحف، وحفل آخر فى الأقصر بمناسبة مرور 100 سنة على اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون، ويتم بث الحفل عالميا.
وطالب «حواس»، الرئيس، بالبدء بالدعاية للمتحف من الآن عبر المعارض الخارجية، مشيرا إلى أن أول مبالغ أنفقت على إنشاء المشروع كانت عائد المعارض الخارجية، حيث تم تحصيل 140 مليون دولار من المعارض الخارجية أنفقت على إنشاء المخازن ومعامل الترميم، وقدمت اليابان منحة لإنشاء المبنى الرئيس للمتحف، ومؤكدا أن آثار توت عنخ آمون تحتاج إلى ترميم قبل وبعد نقلها للمتحف، لأنه لم يرمم منها سوى ما تم عرضه فى معارض خارجية، ولذلك لابد من التأنى وعدم افتتاح المتحف قبل انتهاء أعمال الإنشاءات والترميم.
من جانبه، قال الدكتور خالد العنانى، وزير الآثار، إن الافتتاح الجزئى للمتحف الكبير هو جزء من برنامج الحكومة، مشيرا إلى أن هناك مدرستين فى هذا السياق: الأولى تطالب بتأجيل الافتتاح حتى انتهاء المشروع، وهى مدرسة محترمة وكلامها سليم، لكن بعد توقف المشروع سنوات طويلة فى أعقاب ثورة 25 ينار، أصبح لابد من تقديم شيء للناس يؤكد جدية العمل ومصداقية المشروع، من هنا جاءت الدعوة لتبنى الرأى الثانى بعمل افتتاح جزئى للمشروع.
وأوضح «العنانى» أن الافتتاح الجزئى لا يعنى افتتاح قاعة صغيرة فى المتحف، حيث سيتم افتتاح جزء كبير من المتحف مساحته 7 آلاف متر مربع، ويعرض فيه 5 آلاف قطعة، تضم جميع مقتنيات توت عنخ آمون، إضافة إلى مجموعة أخرى من الآثار فى البهو.
وأكد «العنانى» أنه تم اختيار شركة ألمانية عالمية عبر مسابقة دولية لتنفيذ سيناريو العرض المتحفى، وتشكيل مجلس أمناء هو من سيحدد من يدير المتحف فى المستقبل، مشيرا إلى أن تشكيل مجلس أمناء للمتحف هدفه الحفاظ عليه حتى لا يتحول إلى نسخة من المتاحف الموجودة حاليا والتى تخضع للبيروقراطية والروتين. وأشار إلى أنه تم نقل ثلثى قطع أحد مراكب الشمس، وسيتم نقل الباقى لعرضها فى المتحف عند الانتهاء من المشروع بشكل كامل.
وأوضح وزير الآثار أنه تم حتى الآن نقل 40441 أثرا إلى المتحف الكبير، تضم أكثر من 2700 قطعة من آثار توت عنخ آمون، وتم الانتهاء من ترميم 16834 أثرا، وصيانة 13448 أثرا.
وأعلنت الحكومة مؤخرا الانتهاء من 51% من إجمالى أعمال إنشاء المتحف المصرى الكبير فى الجيزة، حيث تم الانتهاء من 87% من أسقف المبانى، و25% من التشطيبات الداخلية، و40% من الأرضيات فى الساحات الخارجية، وتم الانتهاء بالكامل من الهيكل المعدنى والخرسانى للمشروع.