يجب التعامل مع الغيرة القاتلة بمنتهى الحسم ولا يجب أن نتركها هكذا ترعى في أي علاقة حتى تأكلها تمامًا وتستنزف الطرف الآخر من العلاقة، لذلك سنتحدّث عن ترويض الغيرة عند الحبيب وكيف يمكننا إخماد نيران الغيرة لدى صاحبها بشكل تام حتى يصبح شخصا طبيعيا.
إن الغيرة شعور طبيعي لا يمكن اجتثاثه من جذوره من داخل الإنسان لكن توجد النسبة الطبيعية التي لا ضرر منها ولا إيذاء وإليك أبرز إرشادات التعامل مع الغيرة القاتلة:
الغيرة هي شعور طبيعي بالتهديد لمكانتك عند شخص تحبه بأنك لم تعد تملك فيه الكثير، وأنه ينسحب من تحت أصابعك لأن هناك شخصًا آخر يشاركك ولو تفضيله واحدة من التفاصيل التي بينك وبين هذا الشخص الذي تحبه، يدخل في الغيرة نوع من أنواع التملك والسيطرة نوعًا ما، وعلى الرغم من أن التملك والسيطرة من الأمور بالغة السوء فإن معدلا طبيعيا منها لا يضر ما دام يمكن التحكم فيه والوعي به، أما ازدياد هذا الشعور عن حده هذا هو الخطر بعينه.
عادة ما تميل المرأة إلى غيرة الرجل عليها لأن عدم غيرته أولا بشكل تلقائي ولو حتى في اللاوعي يفقده جزءًا كبيرًا من رجولته في نظرها ويجعله شخصا غير مكتمل الرجولة بشكل كامل، ذلك وأن الرجولة مرتبطة في أذهان النساء منذ الطفولة بالغيرة والحماسة والحمية تجاه النساء، ولو انتقصت هذه الصفة لانتقصت الرجولة وهذا بالطبع مفهوم خاطئ جد لأنه كما قلنا الغيرة جزء منها شعور بالتملك والسيطرة وأن النضج في الثقة ولفت النظر والنقاش الجاد وليس الغيرة والغضب الطفولي والتصرفات الطائشة وافتعال الخلافات.
ثانيًا: شعور المرأة بأن الرجل يهتم بها ويحبها ويخاف أن تذهب منه، جزء كبير من نفسيات النساء بالغة التعقيد لدرجة أنهن يملن إلى عدم إشعار الرجل بالأمان التام والطمأنينة تجاههن، ويجعلنه شاعرًا طوال الوقت بالتهديد تجاه العلاقة، وذلك لترسخ فكرة أن الرجل عندما يطمئن لحب المرأة له يتركها على الفور، وبالتالي غيرته عليها يخفي جزءًا من التهديد سالف الذكر هذا لذلك تصبح العلاقة هنا مفهومة وسائرة رغم توترها واضطرابها بسبب الغيرة في بعض المناطق بشكل طبيعي، بل إن التوتر والاضطراب هذا هما وقود العلاقة.
إذا كنا قد مهدنا لموضوعنا بالحديث عن الغيرة الطبيعية وذلك من أجل تمييز الغيرة القاتلة والتي تتحول إلى مرض مع الزمن وهي أن تصبح الغيرة شكوك دائمة طوال الوقت وانعدام في الثقة وعتاب ولوم وتوبيخ متواصل لأنك تمشين مبتسمة في الشارع أو أنك تتحدثين مع أحد البائعين أو لأنك ترتدين ملابسك العادية والذي يراها هو لافتة وغير محتشمة أو لأنك تتبادلين كلمات عابرة مع بعض زملائك بل ربما ولأنك تتحدثين إلى سائق سيارة الأجرة، هنا تصبح الغيرة جحيمًا لا يطاق وتتحول بالفعل من الغيرة الطبيعية التي تدفع العلاقة إلى الأمام وتطرد منها الفتور إلى الغيرة القاتلة المرضية التي تحوّل نار الحب إلى جحيم مستعر يحرق الأخضر واليابس.
الغيرة القاتلة هذه مرض نفسي ويجب أن لا نخجل من هذا أو نراه عيبًا فكلنا تقريبا نمتلك نواة المرض النفسي بداخلنا ولو عرضنا أنفسنا على أطباء نفسيين لاحتجنا للالتحاق بالمصحة وعلاج مرض الغيرة النفسي يجب أن يخضع لجلسات نفسية إلى جانب تعامل شريك العلاقة معه، فإحداهما سواء سلوك شريك العلاقة معه أو جلسات العلاج غير كافيين للتخلص من الغيرة القاتلة.
عدم الخضوع لشكوك هذا الشخص الغيور وعدم تنفيذ أوامره من أجل اتقاء شره حتى وإن كان لفترة مؤقتة لأن هذا سوف يشعره بأنه حق مكتسب بعد فترة لذلك من الأفضل عدم الخضوع لهذا الابتزاز العاطفي باسم الحب.
عدم الدخول معه في سباق عناد أو خلاف بالصياح لأن ذلك يؤدي إلى انهيار الأعصاب خصوصًا إذا تم التعامل مع الأمر بحماقة وسعي نحو تأكيد هذه الشكوك كرد فعل طائش على غيرته وذلك من أجل إثارة غيظه أكثر.
أن هذا النوع من الغيرة مرض يجب التعامل معه بحكمة ورويّة وبالتالي علينا كبح جماح أنفسنا والتعامل بقدر كبير من الحكمة والصبر وكبت الغضب من أجل مرور المسألة بخير. عن كيفية ترويض الغيرة القاتلة وأخذ خطوات جدية نحو تهيئة هذا الشخص للعلاج وإخماد نار الغيرة التي تتقد بداخله هذه والتي ترهقه هو شخصيًا أيضًا مثلما ترهق غيره فتتلخص في خطوات مهمة:
إعطاؤه الثقة بنفسه: لا ريب أن هذا الشخص يتعرض لنوبة حادة من فقدان الثقة بالنفس، ليس الفقدان فحسب بل انهيار الثقة بالنفس وبالتالي يجب اتخاذ إجراءات جدية وعملية ومحسوسة لمنحه جرعة قوية من الثقة بالنفس.
إفهامه أن الاحتكاك بالبشر ضرورة: الاحتكاك بالبشر من الأمور التي لا يجب أن تثير الشكوك وليس طبيعيًا أن تميلين إلى سائق التاكسي لأنك تبادلتِ معه بعض الكلمات الضرورية.
الثقة ليس في السلوك لكن في القدرة على الصد: إفهامه أنه من الطبيعي أن يكون هناك أشخاص يتقربون منكِ لكنك لديكِ القدرة على صد مثل هذه الشخصيات وإيقافهم عند حدودهم.