يعد الخوف من التغيير وما هو آتي، وحتى الوحدة والقلق والنجاح والفشل، كلها مخاوف تشكل عائقًا يحول في توسعة آفاق الفرد، وتجعله يعيش في توتر ورهبة وقلق، بدلًا من التسلح بالشجاعة والرغبة بالانطلاق والاستمتاع بالحياة.
والسر في التحول من الخوف إلى الشجاعة، يكون بداية بالاعتراف بهذه المخاوف، فهذه المعرفة تمنح الفرد دفعة ذاتية إلى الأمام، ولحد لم يكن بالإمكان تخيله، وهي ليست سهلة، ولكنها ليست صعبة على من يريد الانطلاق والتحرر من أوهام تقيده وتسلب منه متعة العيش براحة وحرية وشجاعة، من هذه الحيل التي تساعد على قهر كل المخاوف ما يلي:
- احكِ قصة لنفسك، كيف؟: فإن كنت تخشى شيئًا حاول التحدث عنه بطريقة غير عاطفية، كما لو كنت تصف صورة تراها أمامك، ففي دراسة أجريت في جامعة كولومبيا، طلب من الناس أن يشاهدوا صورًا مخيفة، ومن ثم التحدث عنها مع لجنة تلاحظ كيف يرون ما شاهدوه، فلوحظ نشاط في منطقة اللوزتين في الدماغ وهي المسؤولة عن الذكاء العاطفي، والتي تسجل إشارات الخوف وتلتقطها، ولوحظت أيضًا في المنطقة نفسها إشارات مرتبطة بضبط النفس والسيطرة على هذا الخوف وضبطه من خلال التحدث عنه.
- تنفّس من البطن: ويطلق عليه التنفس الحجابي، وهي طريقة فعالة وفاعلة عبر استنشاق الهواء ببطء من الجزء السفلي للبطن والعد إلى الأربعة، ومن ثم إطلاق النفس مرة أخرى بعد العد إلى الأربعة أيضًا، وهذا أمر مهم عبر تطبيقه لبضع دقائق؛ إذ إنه بهذه الطريقة يمكن الخروج من كل التوتر في الرأس، وتوجيه الأفكار إلى اللحظة الآنية، بحسب الاختصاصي النفسي من نيويورك د.براين جاكوبسون، وهذا يتيح للدم التدفق إلى العضلات ويحملها بالطاقة، مما يقلل من ذلك التوتر.
- تخلص من التوتر: يمكن استخدام هذه الوسيلة لإطلاق التوتر الخالص والاسترخاء الذي تتحكم به من خلال تحريك العضلات في تلك المنطقة للإفراج عن التوتر الكامن داخل الجسد، كما يمكن تمديد الجسم وعضلاته بدءً من القدمين وبالتدريج حرك أطرافك كافة وصولًا إلى عينيك.
وهذه الطريقة، بحسب جاكوبسون، تخفف من الضغط المتواجد في العضلات كافة، التي أيضًا تخفف ما يحمله العقل من مخاوف، وسيتحول الأمر الذي كان يمثل كارثة في السابق إلى أمر عادي أخف وطأة.
- اعترف بمخاوفك بصوت عال: فبكل بساطة، عبر عما يعتريك من خوف أو قلق، مع التركيز على الوضع بعيدًا عن العاطفة وبطريقة أقرب إلى العقلانية، فبحسب دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا، لوحظ أنه لدى مشاهدة عدد من المتطوعين لصور ومشاهد مليئة بالدم، أظهر المسح الدماغي لهم أيضًا نشاطًا في منطقة اللوزتين في الدماغ، وحين باشروا بالتحدث عن هذه المخاوف بصوت عال، ووصفوا المشاعر التي يحسونها من هذا الخوف لما شاهدوه، وجدت زيادة في النشاط في تلك المنطقة وتبعها هدوء وشعور بالتحسن، وهذا مماثل للتأثير نفسه حين يتحدث الفرد عن خوفه ومصدر القلق لديه على شكل حكاية يرويها.
- توقف عن القلق: ليس بالأمر السهل بالتأكيد، ولكن إلى أي مدى سيفيدك هذا القلق، وهل سيمكنك من إيجاد حل وحتى مواجهة ما هو آت، الإجابة هي لا، ولكن الأولى بك هو أن توجه تفكيرك وطاقتك على ما تملكه اليوم، مع العلم أن التوقف عن القلق لا يعني أن لا تفكر، وإنما يعني أن تفكر بطريقة مختلفة، لأن الخوف الناجم عن هذه المصادر المقلقة يصبح أشبه بحدود تحيد بنا على شكل جدران تمنعنا من رؤية ما وراءها وتبقينا محصورين خلفها.
فالخوف يجعل من المستحيل على الفرد التقدم خطوة واحدة إلى الأمام حين يسيطر على تفكيره، ما يجعله يشك في قدراته ويشل من تقديره لذاته وتتعاظم مصادر الشك في كل ما يدرك أنه قادر على تحقيقه، لتصبح الأمور غير واقعية، علمًا أن التعامل مع كل هذا مرتبط بإرادة الفرد ورغبته بالتخلص من هذه القيود التي تسكن عقله، فما من فرد مثالي، ولكن هناك طاقة وقوة تميز كل واحد على حدة في قدرته على إدارة هذه الأمور وهزيمتها واختراق الدروع الوهمية للقلق.