التفكير جيدًا قبل اتخاذ القرار

 يجب التفكير جيدًا قبل اتخاذ القرار وقبل الإعلان عنه، وأن تضع في حسبانك ماذا ستفقد وماذا ستربح وما هي احتمالات الربح وما هي احتمالات الخسارة بحيث يكون التصميم على القرار في سياقه حتى لا تجد نفسك فيما بعد محاطًا بالشعور بالذنب بسبب تسرعك واندفاعك.

ومع التفكير في اتخاذ القرار يجب أيضًا أن تفكر في تبعاته، تحسب جيدًا النتائج جميعها ومدى احتمالية حدوث هذه النتيجة من عدمه، وأيضًا تحسب عدم اتخاذ قرار ماذا سيكون الوضع؟ هل ستكون راضيًا، ولنتخذ مثالا مثلا إن كنت ستترك وظيفتك من أجل بدء مشروعك الخاص، ما هي طموحاتك في وظيفتك؟ هل الدخل الناتج منها مناسبًا لمجهوداتك؟ هل إن استغللت هذه الجهود في مشروعك الخاص هل ستحقق ربحًا؟ أشياء من هذا القبيل.

يميل الناس عادة إلى إخراج حكم جاهزة، مأثورات لا قبل لنا ولا لهم بها، قواعد يمكن أن تسري على جميع البشر وهذا هو أكبر خطأ وقع فيه الإنسان حيث يتخيل أن كل ما قاله الفلاسفة أو الحكماء أو يتداوله الناس فيما بينهم يناسب جميع البشر باختلاف طوائفهم وتوجهاتهم وظروفهم وطموحاتهم، والحقيقة أنك عند التصميم على القرار وتنفيذه عليك أن تفكر فيما يناسبك، فيما تسعى أنت لتحقيقه لا ما يسعى الناس لرؤيته، الحقيقة أنك وحدك من سينسب لك الفضل عند النجاح ووحدك من ستتحمل مسؤولية الخسارة بالتالي يجب أن تتولى وحدك اختيار الخيار المناسب لك.
 
يجب عليك عند التصميم على القرار ألا تنظر للنجاح في قرارك كأنه مشروع حياة أو موت، يمكنك أن تفشل وهذا محتمل أيضًا ويمكنك أن تنجح وسوف تسعى بكل ما لديك من أسلحة كي تنجح، وتثبت أنك كنت صائبا في قرارك ولكن إن فشلت فقد فعلت ما عليك وستحاول من جديد. ومن الممكن أن تضبط كل الأمور وتفشل، من الممكن أن لا تقصر في أي شيء وتفشل أيضًا، أنت لست منزهًا عن الخطأ ولن تستطيع التحكم في الظروف من حولك ولكن عند الفشل تحمل مسؤولية فشلك ولا تحملها لأحد مهما كنت غير مقصر ومهما كانت الظروف غير جيدة معك.
 
لا شك أنك ستخطئ، ولا شك أيضًا أنك لست آلة حتى لا تخطئ، ولكن لأنك بشرًا ومن مميزات البشر قدرتهم على النقد الذاتي واستدراك الأخطاء تستطيع مراجعة أخطائك عند كل مرحلة ومحاولة تلافي هذه الأخطاء في المراحل التالية والرجوع لتصحيح الأخطاء في المراحل السابقة إن أمكن، هذه أهم سمات الشخص الذي يحاول التصميم على القرار وتحمل مسؤولية تبعات هذا القرار، التعلم من الأخطاء أولى خطوات النجاح.
 
عند التصميم على القرار عليك أن تختار الوقت المناسب لتنفيذه بحيث يجب أن تأخذ وقتك لتتروى وتدرسه من جميع الجهات، ولكن في نفس الوقت لا تطيل الدراسة أو التروي لأن طول الانتظار يفقدك الحماسة اللازمة ويجعل الأمور باردة لا معنى لها وبالتالي يصيبك هذا بالإحباط، أيضًا حاول اختيار الوقت المناسب بالنسبة للظروف المحيطة لك ولنتخيل مثلا أنك تنوي العدول عن قرار الزواج من فتاة قمت بخطبتها في السابق، فلا ينبغي أن تأتي في وقت مثلا والدها في حالة صحية سيئة ويتم وضعه تحت العناية المشددة في المستشفى وأنت تفاجئها بهذا القرار، ولكن في نفس الوقت لا تجعل مثل هذه الأمور تعطلك فبمجرد خروج والدها من المستشفى وتحسن صحته ولو نسبيا أخبرها مباشرة، وقم بإعلان قرارك، لأنك لو انتظرت أن يعود والدها لسابق عهده ربما انتظرت الكثير لذلك عليك أن تختار لحظتك الفاصلة بدقة وعدم التراجع إلا في حالة الطوارئ.
 
عند اتخاذ قرار أو التصميم على القرار الذي اتخذته عليك ألا تجعل أي شخص يؤثر على قرارك، فعلى عكس كل من يقولون لك بأن عليك أن تأخذ بالرأي وبالمشورة فإننا نقول لك لا تجعل أحدًا يؤثر على قرارك، حتى إن أخذت قراراتٍ خاطئة، ليس من المطلوب منك أن تأخذ قرارات صائبة منذ أول مرة تتخذ فيها قرارات، سينتقدونك وسيقولون عنك أنك تنفذ ما في رأسك، نعم هذا ما يحدث بالضبط أنت تنفذ ما يدور في رأسك بالفعل ولست مطالبا بأن تنفذ ما يدور في رأس أحدٍ غيرك، وما دمت وحدك ستتلقى النجاح أو الفشل، فليس من حق أي أحد أن يلوم عليك في عدم استشارته أو الأخذ برأيه أو حتى تنفيذ عكس ما قاله لك.
 
نعم من الممكن أن تخسر، عواقب التصميم على القرار يمكن أن تكون وخيمة، ويمكن أن لا تربح على الإطلاق ولكن على الأقل عند خسارتك لا تخسر كل شيء، إن تيقنت أنك لن تربح فاعمل على تقليل خسائرك، وبدلا من أن تخسر كل شيء، لو استطعت أن تستبقي شيئًا واحدًا فقط فلا زلت ليس خاسرًا تمامًا بعد.