تستخدم وسائل الإعلام من الوسائل المهمّة والرئيسية في نشر المعلومات، وبث الأفكار، والتأثير على الآخرين؛ حيث تصنّف العديد من التقنيات الحديثة ضمن هذه المجموعة المهمة، وأبرزها التلفاز، والراديو، والصحف، والإنترنت، ووسائل التواصل الاجتماعي، والمجلات، وغيرها، واستطاعت وسائل الإعلام بأنواعها المختلفة أن تُحدث أثراً كبيراً لدى المواطنين، إلى درجة أن وصل بها الأمر إلى إقامة حكومات، وهدم أخرى، خاصة إن عرف أصحابها، وعرف أصحاب الأهداف المختلفة لتوظيفها، والفئة التي يجب عليهم أن يستهدفوها من أجل تحقيق مآربهم، وغاياتهم سواءً كانت إيجابيّة أم سلبية، ولعلَّ أكثر الفئات العمرية استهدافاً من قبل سائر وسائل الإعلام هي فئة الشباب.
وكشفت الدكتورة منى القصاص في مقابلة خاصّة مع "لايف ستايل" أنّ "فئة الشباب تتميّز بأنها أكثر الفئات المجتمعية عرضةً لتأثيرات وسائل الإعلام المختلفة والمتنوعة، كونهم يَقضون فترات طويلة باستعمالها، إلى جانب انجذابهم إلى الطرق غير التقليديّة التي تعرض المعلومات بها على هذه الوسائل، ومن هنا فإنّ وسائل الإعلام كفيلة بإدخال العديد من الأفكار إلى عقول الشباب، ممّا يؤدي إلى تغييرها إما نحو الأسوأ، أو نحو الأفضل إن هي استثمرت بالشكل الجيد، ومن قبل أخيار المجتمعات والدول".
وأوضحت القصاص أنّ "التأثير الأكبر لوسائل الإعلام على اختلاف أنواعها، يكمن في قدرتها على وضع العديد من النماذج والقدوات أمام أعين الشباب ليل نهار، بحيث يعجب كل شاب أو شابة بشخصيّة معينة متوافقة مع آرائه، ومجالات اهتمامه، وهذا الأمر قد يكون جيداً إذا تمّ عرض النماذج الحسنة من الأشخاص الذين استطاعوا إحداث أكبر الأثر في مسيرة الإنسانية، أما إن تم عرض النماذج السيئة وبشكل يخدم أجندات معينة فهنا تكمن الخطورة، فالقدوة بإمكانها حرف الإنسان تماماً عن مساره الصحيح الذي ربما كان قد سار عليه في يومٍ ما، ولوسائل الإعلام قدرة على تشويه الحقائق، وطمسها، ولهذا أثر كبير سواءً على عقل الشاب أم غيره، وقد يمتدّ هذا الأثر ليصيب طريقة تعاطي الناس مع التاريخ، وهنا تكمن الطامة الكبرى، فتشويه التاريخ ومحاولة سلخ الناس عنه يُعتبر من أكبر الجرائم وأشدها خطورة، فهي تفقد الناس خاصّةً الشباب ارتباطهم بماضيهم، وتراثهم، وتجعلهم مهيّئين لاستقبال كل ما هو جديد من الأفكار، والعادات، وهذا لا يعني أبداً عدم الاستفادة من أخطاء الماضي، فعرض التاريخ بموضوعية، وحيادية يساعد على الارتقاء، والتقدم، ومن التأثيرات الأخرى أيضاً لفت أنظار الشباب إلى قضايا ليست ذات قيمة، أو إلى توافه الأمور، ومحاولة تجهيلهم، وإبعادهم عن القضايا المصيرية التي تهمهم، ويكون ذلك من خلال عرض البرامج التجارية الرخيصة التي لا تسمن ولا تغني من جوع، والتي تهدم الأمّة بمعول التخلف، والرجعية".
وختمت القصاص أنّ "وسائل الإعلام من الأمور التي يجب الاعتناء بها خاصة من قبل المثقفين، وأصحاب الأموال، ومن يحملون همَّ الأمة على عواتقهم، كما يجب على الشباب، والكبار، والصغار عدم الاكتفاء بالجهة الإعلامية التي تنسجم موادها مع الأفكار، والآراء، والتوجهات الشخصية، بل يجب الإحاطة بوجهات النظر المتعددة، خاصّةً المعارضة منها، حتى يتسنّى للإنسان الحصول على جزء كبير من الحقيقة، فمستقبل الأوطان، وأمنها رهن إعمال العقل في القضايا المصيرية".