لاشك أن هناك أطفالاً يتعرضون لتجارب تصدمهم نفسياً، أو بسبب ما يحدث لبعض الأشخاص من حولهم، ما يشكل خطراً كبيراً يهدد حياتهم؛ مثل الحوادث، الإصابات الشديدة، فقد مقربين ؛ أحد الآباء أو الأجداد، الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى إحساس الطفل بضغط نفسي صادم- وهو رد فعل طبيعي-..قد يستمر لفترة تتراوح بين 3 أيام وحتى شهر من الحدث.
التقرير يعرض معنى الصدمة النفسية عند الأطفال..وأنواع الصدمات..ثم يوضح كيفية التعامل مع تلك الصدمات النفسية التي تصيب الأطفال. اللقاء والدكتور مراد الدالي أستاذ طب النفس والمعالج السلوكي للشرح والتفسير.
الصدمة النفسية
الصدمة النفسية تعني تعرض الطفل والإنسان عموماً لموقف أو حادث معين، ولم يكن لديه القدرة أو الإمكانية للتعامل معه أو التصرف فيه، ما جعله يشكل ضغطاً نفسياً ..لكثرة التفكير فيه.
وهي الاستجابة العاطفية الناجمة عن التعرض لحادث صادم أو تجربة مؤلمة، مما يؤدي إلى ظهور أعراض نفسية وجسدية.
وتختلف أنواع الصدمات النفسية، فمنها الحاد، والمزمن، والمعقد، وقد تستغرق الصدمة فترة قصيرة، وفي حالات أخرى يكون تأثيرها طويل الأمد.
أعراض الصدمة النفسية عند الأطفال
اضطرابات في النوم...أحلام مزعجة..تبول لا إرادي.
تعلق شديد بالمقربين، مثل الأب أو الأم، وخوف من الانفصال عنهم.
رفض الذهاب إلى الروضة أو المدرسة..حدة مزاج وعصبية.
أعراض جسمية، مثل: الصداع وآلام المعدة، نشاط حركي زائد، وضعف في التركيز أحياناً.
طرق التعامل مع الصدمة النفسية عند الأطفال
حاولي تطبيع المشاعر: بمعنى أن تخبري الطفل أنه من الطبيعي الإحساس بالانزعاج عندما يحدث شيء مخيف، وبعدها شجعيه على التعبير عن مخاوفه دون الحكم على أفكاره.
وفّري له الحماية: والمقصود أن تحاولي حماية الطفل من التعرض مرة ثانية لأحداث صادمة نفسياً.. إن كان ذلك ممكناً.
حافظي على الروتين: اجعلي نمط سير الحياة بالمنزل مستقراً قدر الإمكان، ويتم ذلك من خلال المحافظة على الروتين، وممارسة النشاطات اليومية المعتادة قدر الإمكان..ما ينعكس على الطفل بالهدوء والاستقرار.
ادعمي الطفل: من خلال مساعدته على التخلص من المشاعر السلبية، وأكدي له أن ما حصل لم يكن خطأه وأن الكبار سيعتنون به.
كن أيها الأب.. متفهماً ومتعاطفاً: بأن تسمح للطفل بالشعور بالحزن أو البكاء، و تعاطف معه، ولا تحاول منعه من التعبير عن مخاوفه ومشاعره.
اعطِ الطفل الإحساس بالتحكم وإمكانية الاختيار: وذلك بتقديم عدة خيارات معقولة عن الأنشطة اليومية، مثل: اختياره لوجبات الطعام، الثياب، ووقت النوم.. إلخ
وكن صبوراً أيها الأب: لا تنتقد أو تغضب إذا أظهر الطفل سلوكيات يرجع فيها إلى سن أصغر، أو تصرفات غريبة، مثل: التبول اللاإرادي، أو مص الإصبع.
كوني أيتها الأم واعية بردود أفعالك: انتبهي إلى ضرورة عدم المبالغة بتقديم الحماية أو الدلال للطفل، ولا تجعلي أي حُجة للطفل تجعله هو المسيطر أو تسقط عنه التزامات سابقة، أو منحه امتيازات غير مبررة.
وإذا استمرت الأعراض لفترة أطول- لأكثر من شهر مثلاً- فمن الضروري طلب استشارة نفسية متخصصة.. وذلك بهدف مساعدتكما كوالدين، وكذلك الطفل على التعامل مع هذه الأعراض، لأن الطفل هنا يكون قد دخل في طور آخر وهو اضطراب ما بعد الصدمة.
أنواع الصدمة النفسية
صدمات الطفولة
يمكن أن تصيب أنواع الصدمات النفسية أي شخص، لكن يعد الأطفال أكثر عرضة للصدمات النفسية، حيث إنهم لا يزالون في مرحلة التطور ولم تكتمل لديهم مهارات التكيف مع الضغوط النفسية؛ مما يؤدي إلى الإصابة بالتوتر الشديد جراء التعرض لتجارب مؤلمة.
يؤثر ذلك على التطور العاطفي للطفل، وصحته النفسية والبدنية، وكذلك على سلوكياته، وربما يستمر الشعور بالخوف والعجز، وقد تترك آثاراً نفسية حتى مرحلة الشباب.
الصدمة الحادّة
تحدث الصدمة الحادّة إثر التعرض لحدث واحد مروع وبشكل مباشر، وقد تستغرق الاستجابة العاطفية في هذه الحالة فترة قصيرة، بينما في حالات أخرى يمكن أن تتطور لاضطراب ما بعد الصدمة.
الصدمة المزمنة
تعرف الصدمة المزمنة بأنها أحد أنواع الصدمات النفسية التي تنجم عن معايشة تجربة مؤلمة، وتكرار التعرض لها لفترة طويلة تصل إلى أشهر أو سنوات، مثل..العنف المنزلي أو المجتمعي.
مشاهدة الطفل للتعنيف داخل الأسرة..التنمر.
الإصابة بمرض مزمن، أو تكرار الخضوع للجراحات.
التعرض للإهمال أو سوء المعاملة، أو التجويع، أو الحرمان.
يمكن أن تظهر أعراض الصدمة النفسية المزمنة بعد فترة طويلة قد تصل إلى سنوات من التعرض للحدث.
وقد تظهر في صورة نوبات تتضمن: تقلبات المزاج..القلق..الغضب الشديد..استرجاع ذكريات الحدث المؤلم.
التعب العام وآلام الجسم والصداع..بجانب صعوبة الثقة في الآخرين ما يجعل علاقاتهم الاجتماعية قليلة.
الصدمة المعقدة
تشمل أنواع الصدمات النفسية أيضاً الصدمة المعقدة، التي تنجم عن التعرض لعدة أحداث صادمة لا يستطيع الشخص الهرب منها.
فيشعر كأنه محاصر وينتابه شعور بفقدان الأمان والتأهب الدائم لمواجهة أي خطر، غالباً ما تحدث الصدمة المعقدة نتيجة العلاقات السيئة، مثل التعرض للعنف المنزلي، والمشاكل الأسرية، وسوء معاملة الطفل أو إهماله.
الصدمة الثانوية أو غير المباشرة
الصدمة غير المباشرة، هي الصدمة النفسية التي تنشأ جراء التعامل عن قرب مع أشخاص آخرين تعرضوا لأحداث صادمة، فتظهر على الشخص أعراض الصدمة النفسية نتيجة تكرار مشاهدة أشخاص واجهوا أحداثاً مؤلمة...وقد تتضمن تجارب الطفولة السلبية، مثل فقدان أحد الوالدين، أو التعرض للإهمال، أو الإيذاء النفسي، أو الاعتداء الجسدي.
قد يهمك أيضا:
9 أسباب تجعل طفلك يخرج لسانه بشكل متكرر
صانعة السلام الكينية "ماما شمسة" تنقذ الأطفال من العنف والتطرف