تُعدّ أعوام الزواج الأولى الأخطر على الإطلاق خصوصًا أن الزوجين المتزوجين حديثًا يكونان متعجلين جدا لضبط الأمور ويكونان مفتقدين للصبر اللازم، لذلك مَن لا يعي خطورة الأمر من البداية قد يقع في ما لا يحمد عقباه، لذلك سنتحدث في هذا المقال عن سنوات الزواج الأولى ومشاكلها وكيف نتخطاها.
لا ريب أن المسؤولية أحد أهم مشكلات سنوات الزواج الأولى، ذلك أن الأشخاص المعتادين على العشوائية والفوضى قبل الزواج عندما تجبرهم على تحمل مسؤولية بيت الزوجية فإنهم يأخذون فترة على التأقلم على هذه المسؤولية، بالتالي تأخذ الأمور منحى غير جيد إن لم يتم الوعي بالأزمة من البداية.
مِن أبرز ما يواجه الزوجين في سنوات الزواج الأولى اكتشافهما باختلاف طبائعهما، ومهما كنت تعرف الشخص الذي ستشاركه حياتك جيدًا فمعيشتك معه في منزل واحد تختلف تمامًا عن العاطفة المتدفقة أثناء الارتباط العاطفي، ومهما كان الحب بينكما عظيما فإن اختلاف الطباع مشكلة لن تختبراها سوى بالزواج وفجأة تكتشف أن هناك شخصًا آخر أمامك غير الذي كنت انتويت الزواج به، وبالتالي يجب التوفيق بين هذه الأمور وعدم الارتكان للعناد لأن العناد عواقبه وخيمة.
هذا أمر طبيعي ولا تظن أنك أخطأت بقرار الزواج لشعورك بالفتور، كل شيء إن استحوذت عليه ستشعر بالملل منه لا محالة وتذكر مثلا الهاتف الذي كنت مهووسا به كيف عندما اشتريته واستحوذت عليه وأصبح في يدك باستمرار فقدت انبهارك به، فما بالك بشخص كنت تحاول أن تقابله مرة في الأسبوع في مكان عام الآن أصبح في وجهك 24 ساعة نائمًا قائما آكلا شاربًا معك؟ الأمر يكاد يكون عسير التصور في الواقع.
أكثر ما يجلب المشاكل بين الزوجين في سنوات الزواج الأولى هو تدخلات الأهل، أمر سخيف وممل جدا والحقيقة من الأشياء التي لا يمكن حلها بسهولة لأنها ترتبط بأشخاص آخرين خارج منزل الزوجية، بالتالي تتطلب منا مجهودا مضاعفًا عن مجهود حل المشاكل الأخرى.
الغيرة هنا تدخل في نفق حب التملك المظلم، ليست الغيرة المتزنة المشوبة بالحب والعاطفة التي كانت في البداية، بل في سنوات الزواج الأولى نواجه الغيرة التي تعني "لقد تزوجتك لقد أصبحت لي وحدي ولا يمكن لأي شخص أن يشاركك في" والغيرة لا تكون من الجنس الآخر فحسب فربما يغير الرجل من صديقات زوجته أو العكس، لذلك هي مشكلة لا يستهان بها.
كشابين في مقتبل حياتهما العمرية وبداية زواجهما لا بد أن تكون الحالة المادية متعسرة بعض الشيء في سنوات الزواج الأولى وهذا أمر طبيعي ولا خلاف عليه ويجب أن تتحدثا فيه قبل الزواج حتى لا يحدث مشكلة أكبر بسببها، وهذه الفترة لا تحتاج إلى مشكلات، يكفيها ما فيها بالفعل.
يجب أن يتحلى الإنسان بالصبر، إن صبرا الطرفين على بعضهما فبمقدار صبرهما سيستطيعان تخطي هذه المشكلات لأن التعجل هو ما سيؤدي بهما إلى العناد والعناد يؤدي إلى إغلاق كل سبل الحلول لهذه المشكلات لذلك يجب أن يعي الزوجان لهذه المسألة.
ما دام كان الحب موجودًا قبل الزواج فالأولى أن يكون موجودا بعد الزواج بصورة مكثفة وذلك بسبب الحاجة الشديدة إليه، اعلم أن أي محاولة لحل مشكلات سنوات الزواج الأولى دون الحب والاحتواء ستصبح محاولات لا قيمة لها، لذلك الحب والاحتواء والعطاء بلا حدود السلاح الأقوى في أيدي الزوجين، وما دام هو موجود لدى طرف سيحفز به الطرف الآخر.
لا بد أن تقدّم تنازلات في سنوات الزواج الأولى، لا بد أن تقرب المسافة، لا بد أن تلجأ للحلول الوسط، لا يمكنك أن تثبت على رأيك وتصمم عليه ثم تأمل في حل للمشاكل، معنى أنك أبديت استعدادًا للحل فهذا يعني أنك مستعد للتنازل وتقريب وجهات النظر.
هذه نقطة حاسمة ولا جدال عليها، عدم تدخل الأهل نهائيا، وهذا ليست له علاقة بعقوق الوالدين، عقوق الوالدين هو أن لا تبر والديك وأن لا تعاملهما بشكل جيد ولكن إن أصرا أن يخربا حياتك فهذا ليس من العقوق في شيء بل إنه صميم البر لأنك تنأى بهم من أن يتدخلا في حياة زوجين ويضعا أنفسهما في هذا الموقف السخيف.
يجب أن تكون هناك ثقة عمياء بين الزوجين، ليس ثقة في إخلاص كل طرف للآخر فحسب، بل ثقة في خوف كل طرف على الآخر ورغبته في أن تسير الأمور بشكل جيد وثقته في وفائه وحبه ووقوف كل طرف بجوار الآخر حتى النهاية والتعاهد على البقاء معا في السراء والضراء.