نظرًا للطبيعة الشرقية الطاغية على مجتمعاتنا العربية فإن بعض المشاكل التي قد تقع بين الشريكين أو الزوجين قد تؤدي في نهاية المطاف إلى إنهاء العلاقة بينهما للأبد، خاصة وإن تعلقت تلك المشاكل بالخيانة في مختلف صورها، على عكس المجتمعات الغربية التي قد ينجح أحد الشريكين في تجاوز تلك المشكلة ومسامحة الطرف الآخر على ما فعله، وبالتالي تعود ثقة الشريك فيه مرة أخرى.
ولأن الوقاية خير من العلاج فمن الأفضل بالطبع أن يحرص الشريك من البداية على الحفاظ على ثقة شريكه به وألا يخاطر بأي شكل من الأشكال فيما قد يعرض تلك الثقة للضياع تحسبًا لأي أضرار مستقبلية، فإن استرجاع ثقة الشريك بعد مشكلة تتعلق بالخيانة قد يكون أمرًا صعبًا وربما مستحيلًا نظرًا لطبيعة وعادات المجتمعات الشرقية. ولكن في المقابل هنالك بعض صور من الخيانة قد يتجاوز عنها الطرف الآخر ويصفح لشريكه ولكن سيتعين على المخطئ أن يحاول بكل جهده استعادة تلك الثقة مرة أخرى بشكل كامل؛ لذلك فكان من الأفضل أن تكون العلاقة من البداية قائمة بين الشريكين على الصراحة الكاملة وعدم الكذب وتجنب إخفاء الأسرار عن بعضهما وهو ما يتحقق عندما ينجح كلا الطرفين في تقبل الطرف الآخر بكامل عيوبه ومساوئه وبالتإلى لن يجد شريكه حرجًا في إخباره بكل شيء دون خجل.
لأن لمحاولة لن تضر بأي شكل فيمكن للمخطئ في العلاقة أن يسعى جاهدًا من أجل استعادة ثقة الشريك به وهو ما قد يكون أمرًا صعبًا وربما يحتاج إلى فترة طويلة من الوقت تختلف تبعًا لشخصية الطرف الآخر ومدى مقدار مسامحته وطبعًا تبعًا لنوع الخيانة؛ لذلك فإن الطرف المخطئ سوف يتعين عليه القيام بالآتي:
الاعتراف بالخطأ: أول ما يجب فعله بعد خيانة الشريك أن يعترف المخطئ بخطئه كاملًا وأن يقر بشعوره بالذنب ورغبته في التكفير عما فعله وهو ما ينبغي أن يكون نابعًا من أعماق الشخص وليس فقط مجرد كلمات تخرج من فهمه دون أن يشعر بها.
إصلاح الضرر: كل خطأ أو خيانة يترتب عليه ضرر واقع على الطرف الآخر وطالما كنا نسعى إلى استعادة ثقة الشريك فينبغي أن نصلح هذا الضرر سواء أكان ضررًا نفسيًا أو عاطفيًا أو حتى ضررًا ماديًا.
عدم تكرار هذا الخطأ مجددًا: إن نجح المخطئ في استعادة ثقة الشريك بشكل كامل في أول مرة فإنه يجب أن يكون على يقين كامل بأن تلك الثقة على وشك الضياع بشكل لا رجعة فيه إن كرر مثل هذا الخطأ مجددًا أو حتى أي أخطاء مشابهة؛ لذلك يجب عليه أن يتوخى الحذر في كل أفعاله وأقواله.
في كثير من الأحيان يكون ضياع ثقة الشريك نابعًا من سوء تفاهم بين الطرفين حيث يظن كل طرف أن الطرف الآخر هو المخطئ وأنه عليه أن يعتذر ويصلح خطؤه أو أن يكون هنالك بعض القضايا الشائكة بين الشريكين والتي تتطلب وسيط ذي خبرة في حل مثل تلك الأمور وهو ما تقدمه خدمات الاستشارات الزوجية حيث يجتمع الشريكين بشكل دوري مع طبيب نفسي متخصص في تلك العلاقات والمشاكل ويقوم كل طرف بالإفصاح عما بداخله بمنتهى الصراحة وقد يتطلب الأمر أن يجلس الطبيب في جلسات منفردة مع كل طرف للاستماع لما يدور في باله دون حرج حيث يحاول الطبيب توصيل الأفكار ببعضها وتقريب وجهات النظر بين الشريكين واقتراح بعض الحلول التي قد تساهم في حل المشاكل المتفاقمة بينهما واستعادة ثقة الشريك في الشريك الآخر.
ينبغي أن نشير إلى أهمية وجود أساس سليم لكل علاقة بين طرفين مهما كان نوع تلك العلاقة وهو ما يتم وضعه في البداية بالأفعال لا بالأقوال؛ بمعنى أنه إن اعتاد الشريكين على الإفصاح عما بداخلهما بشكل كامل تجاه بعضهما البعض واعتاد كل طرف على التعامل بجدية مع ما يدور بعقل وقلب الطرف الآخر ستجد بأن معظم إن لم يكون جميع المشاكل التي تحدث بينهما مشاكل سطحية طفيفة يتم حلها في ثوان معدودة وينتهي الأمر على عكس الأزواج الذين يعتادون طوال حياتهم على إخفاء ما يشعرون به أو ما يفكرون فيه فتجد بأن معظم المشاكل التي تحدث بينهم تتفاقم إلى أمور عميقة وأكثر تعقيدًا.
ويجدر الإشارة إلى أنه طالما كان الشريكين قادرين على حل مشاكلهما بنفسهما فلا يجب عليهما اللجوء إلى قبول وسيط بينهما حتى وإن كان طبيب متخصص في تلك الأمور فكلما كانت العلاقة بين الطرفين لا يتدخل فيها أحد كلما صمدت لفترة أطول.