تُعرف الأزمة النفسية بأنها عبارة عن العجز في ضبط التوازن النفسي وانعدام القدرة على حل المشاكل النفسية، أو وصول الحالة النفسية إلى حافة الانهيار، وعندما يصاب شخص ما بأزمة نفسية فقد يشعر بذلك في حينه وقد لا يشعر بذلك ولو بعد حين، وقد يصاب الإنسان الملتزم بعاداته القديمة على امتداد أعوام طويلة بالأزمة النفسية بسهولة كما يصاب بها معظم مدمني العادات السيئة بسهولة أيضا، خاصة عندما يحاولون التخلص من هذه العادات السلبية فستكون أعراضها المرضية بارزة وواضحة جدا في سلوكهم اليومي.
أما أعراض الأزمة النفسية فهي عديدة ومختلفة، ومن أهمها خضوع الإنسان لعبودية الماديات، فإذا شعر الإنسان سواء أكان فقيرا أو غنيا شعر بالفراغ النفسي أو بالاضطرابات النفسية فإن ذلك يعزى إلى خضوع الإنسان لعبودية الماديات، فمن الطبيعي أن يقع الفقير الذي لا يملك الغذاء والكساء في يأس وضيق، خاصة بعد مشاهدته الأغنياء وهم يعيشون حياتهم في التبذير والإسراف مما يوقعه في حالة عدم التوازن النفسي، وتحت وطأة هذه الحالة قد يعمد بعضهم لتدبير بعض الأعمال الخطيرة أو الإجرامية لتحقيق أهدافهم أو للتخلص من اضطراباتهم النفسية، أما الأغنياء الذين لا يساورهم القلق على حياتهم المادية فإذا كان مستواهم الأخلاقي منخفضا وكان الإحساس بالفراغ النفسي يرافقهم دائما فمن المحتمل أن يصابوا أيضا وبسهولة بالمشاكل النفسية المختلفة.
كما أن من أعراض الأزمة النفسية تفضيل الحيوانات الأليفة على الإنسان، وترجع رغبة الإنسان في تربية الحيوانات الأليفة إلى دافعين، أحدهما الحب الكبير للحيوانات، والآخر الشعور بالفراغ النفسي، ودائما ما يقوم الإنسان الذي يشعر بالممل أو الفراغ النفسي في حياته بتربية بعض الحيوانات الأليفة، باعتبارها أهم مضامين الحياة، ويصرف الكثير من الأموال لتربيتها لدرجة أنه يفضلها حتى على الإنسان.
ووقوع الاضطرابات النفسية بسبب الهجرة إلى الدول الأجنبية مسبب للأزمات النفسية، فقد يصاب الكثير من الناس الذين يهاجرون إلى بعض الدول الأجنبية بالمشاكل والاضطرابات النفسية. يرجع ذلك إلى أسباب عديدة، منها الاختلاف والتباين الثقافي الذي يشهده في مجتمع جديد وغريب، والإحساس بالوحدة والعزلة بسبب العقبة اللغوية والتغيرات الفجائية في المجتمع الجديد.
وأشار الخبراء إلى أن المهاجرين دائما ما يجتازون 3 مراحل نفسية بعد وصولهم إلى دولة أجنبية جديدة، الأولى: مرحلة التأثر والإعجاب، حيث يشعر فيها المهاجر بالسرور والرضا إزاء وصوله إلى الدول الأجنبية. والثانية: مرحلة خيبة الأمل، وهي ناجمة عن ظهور العقبة اللغوية وصعوبة المعاملة مع الآخرين أو بسبب الاختلافات العديدة في المأكل والملبس وأسلوب الحياة في الدولة الجديدة. والثالثة هي مرحلة الاشتياق الشديد إلى الموطن.
ويقول الخبراء إن المهاجر إذا اجتاز هذه المراحل الثلاث التي قد تستمر عموما ثلاث أو أربع سنوات في شكل سليم، فسيتحرر تماما من الأزمة والاضطرابات النفسية، كما أن إدمان بعض الأدوية اللازمة لاستتباب الحالة الصحية يسبب أزمات نفسية، وأشار الخبراء إلى أن كثيرا من الناس يتناولون الأدوية بشكل عشوائي أو بسبب قراءتهم بعض الإعلانات المعنية الخاصة بالأدوية حتى أنهم قد يدمنون عليها كإدمان بعض الناس للمشروبات الكحولية والمخدرات، الأمر الذي يجعلهم مصابين بأمراض عديدة جسميا ونفسيا في آن واحد.
إذن كيف نتغلب على هذه الأزمات والاضطرابات النفسية، أكد الخبراء أن الأسلوب الفعال لتحقيق ذلك هو تعزيز الإرادة الشخصية في الحياة خاصة عند مواجهة الصعوبات والتحديات المختلفة التي تواكب دائما ظهور المجتمعات الحديثة، وقال الخبراء إن إقامة علاقات المعاملة الجيدة مع الآخرين والعمل على الحفاظ عليها لهو شيء مهم وضروري جدا لحل المشاكل النفسية والتخلص من الأزمات والاضطرابات النفسية المختلفة.