كشفت صحيفة "التايمز" البريطانية، من خلال فيديو، ظهر فيه مبنى أبيض مع حديقة كبيرة محاطة بأشجار كروم العنب، ويسكن قاطنيها في طابقين: أحدهما للنساء والآخر للرجال، وهناك عدد قليل من وسائل الطهي ومجموعة من الحصير للنوم عليها وكذلك بطانيات الصوف، أن هذا المنزل هو مأوى عشرات من المنشقين عن "داعش"، كما أنه في الواقع معسكر اعتقال تديره جماعة متمردة في بلدة سورية تقع في الشمال.
فيما أكدت صحيفة "صنداي تايمز" بشكل حصري عن وجود هذا المخيم، واستعرضت لقطات الفيديو التي تم تصويرها مؤخرًا داخله، حيث دخل ما لا يقل عن ثلاثة هاربين بريطانيين بواباتها، مثلهم مثل غيرهم من الهاربين الأوروبيين من "الخلافة"، انتظروا هناك في طي النسيان، وأصبحوا في حيرة حول عبور الحدود التركية ومواجهة الاعتقال أو البقاء في سورية التي خربتها المعارك.
وقال أحد قادة جماعة إسلامية متمردة تدير المخيم، أبو زيد، أن "معظمهم يريدون العودة إلى بلادهم"، مضيفًا أن المخيم كان واحدًا من أربعة من المناطق التي يسيطر عليها المتمردون في سورية، ويعيش فيه بين 10 و40 من المنشقين الأجانب، متابعًا "أنهم يريدون المغادرة ولكنهم يعرفون أن الأتراك سيعتقلونهم وأنهم سيذهبون إلى السجن في بلادهم".
وبالنسبة لأعضاء "داعش" الثلاثة البريطانيين السابقين الذين بقوا في المخيم، كان يمثل هذا المخيم مركزًا لتخطيط الجزء التالي من رحلتهم من "الخلافة"، وكان ستيفان اريستيدو المولود في لندن، المعروف باسم أبو هاشم البريتاني وزوجته البريطانية كولسوما بيغوم، 22 عامًا، وطفلهما قد عبرا الحدود إلى تركيا وتم تسليمهم للسلطات المحلية في نيسان/ أبريل الماضي، وقد أمضى الزوجان أكثر من عام في المخيم بعد انشقاقهما عن "داعش".
ويواجه أريستيدو محاكمته في تركيا بتهمة الانتماء إلى منظمة إرهابية، بينما يعتقد أن بيجوم والطفل ينتظران الترحيل إلى بريطانيا، وقال القائد الذي أطلع صحيفة "صاندي تايمز" على نسخة من رخص القيادة المؤقتة للزوجين "كان لديهما طفل صغير"، مضيفًا "كان أبو هاشم رجلًا طيبًا، ساعدنا كثيرًا عندما استجوبناه حول داعش لقد كان صديقي".
وقد اختفت امرأة بريطانية أخرى، كانت قد وصلت إلى المخيم قبل عام مع زوجها وأطفالها الصوماليين، من المنزل في بداية هذا العام، ويعتقد أن الأسرة قد رتبت لتهريبها إلى تركيا، عندما تبدأ الخلافة في الانهيار تحت هجمة على جميع الجبهات، فإن المواطنين البريطانيين الذين توافدوا للانضمام إلى "داعش" خلال ذروة حياتهم تركوا خيارات قليلة: يموتون تحت القصف وقذائف الهاون، ويختبئون أكثر داخل الخلافة أو يقومون بالهرب، ولا مكان يذهبون إليه".
ومن بين ما يقرب من 800 مواطن بريطاني سافروا إلى سورية والعراق للقتال مع الجماعات المسلحة، ويعتقد أن نحو نصفهم عادوا إلى المملكة المتحدة، ويقدر أن 200 آخرين لقوا حتفهم، ولا يعرف مكان وجود الـ 200 الآخرين، ويقول المهربون العاملون في شمال سورية إن الجهاديين البريطانيين، على عكس نظرائهم البلجيكيين والهولنديين والسويديين، كثيرًا ما يدركون أن السلطات التركية ستحتجزهم إذا عبروا الحدود، وسجنوا عند عودتهم إلى ديارهم، وهذا لا يترك لهم سوى خيار ضئيل سوى البقاء في الأراضي التي يسيطر عليها المتمردون بشكل غير قانوني بين أراضي "داعش" والحدود التركية - بعيدًا عن حكم القانون، ولكن دون أن يفعلوا شيئًا.