عرف المصريون القدامى صناعة الزجاج منذ أكثر من ألفي عام قبل الميلاد، وازدهرت هذه الصناعة في الإسكندرية، لكنّها أصبحت اليوم في حالة يرثى لها، حيث أسهمت المصانع الكبرى بآلاتها الحديثة في إرهاق المعامل والورش الصغرى، ما أدّى إلى عجزها عن مسايرة التطوّر المنشود، رغمّ أنه ما زال هناك من يُصارع متمسّكًا بمهنة الآباء والأجداد.
وأكّد صاحب ورشة لصناعة الزجاج المعشّق فتحي إبراهيم، بأنّ عدد ورش صناعة الزجاج بدأ، مطلع الثمانينات، يتراجع في مصر، بسبب عدم تحقيقها مكاسب ماليّة كبيرة، موضحًا أنّ العمل في اللوحة المطلوبة يبدأ بالرسم على الورق وتكبيره، ليُقسّم إلى فتحات ومقاسات معيّنة ثم تُطوّع الخطوط، لافتًا إلى أنّ هذه المهنة تعتمد بشكل كبير على الأيدي العاملة، بينما لجأت المصانع الأوروبيّة إلى التخصّص، حيث يُكلّف كلّ عامل بإنجاز جزء واحد لا يهتمّ بغيره، لا سيما بفضل الجانب الكبير الذي تقوم به الماكينات، ما جعل أصحاب المهنة يهربون من التصاميم الصعبة ربحًا للوقت والجهد.
ويقول الخبراء إنّ تميّز مصر في صناعة الزجاج يعود إلى ثراء طبيعتها التي تحتوي على أنواع عديدة من الزجاج، مثل زجاج الصودا، والزجاج الرصاصي الكريستال، وزجاج الكوارتز، وعرف الحرفيّون المصريون أسرارها هذه الخامات الطبيعيّة، وتوارثوا تصنيعها لابتكار ما تجود به مهاراتهم من مصابيح وزجاج ملوّن ومسطّح لمحتلف أنواع التحف أو النوافذ والأكواب مضلعة، وغيرها.
وأشار أستاذ التاريخ في جامعة عين شمس عمر عبد الحميد، إلى أنّ صناعة الزجاج يمتد عمرها إلى مئات السنين، واختلفت كتب التاريخ في تحديد فترة نشأتها على وجه الدقة، فورجّح البعض أنّها ترجع إلى 1500 عام قبل الميلاد، بينما أكّد آخرون بأنها تعود إلى 2000 عام، وتُعتبر مصر من أقدَم الدول التي شرعت في صناعة الزجاج مع سوريا والعراق.